بازگشت

تمهيد


لو أتيح للامة الاسلامية، و هي تعيش عهدها الزاهر، أواخر أيام رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، في ظل الدولة الاسلامية المحمدية، ان تتساءل: تري كيف ستكون امورنا بعد نصف قرن..؟ و من سيكون علي رأس هذه الدولة في ذلك الحين اذا ما انتقل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم الي الرفيق الأعلي؟

و لو أن نموذجا مشابها لشخصية يزيد، طرح علي الامة و قيل لها: هذا هو خليفة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ممثله، و قائد المسلمين و امامهم، ماذا تري سيكون رد فعل ابنائها علي ذلك؟ هل سيستقبلون هذا الامر بعين الرضا و الارتياح؟ بل هل يتوقعون اصلا ان يطرح عليهم هذا النموذج المشوه؟

و الجواب معروف مسبقا. لقد كانت الامة ستتصدي بعنف لمجرد طرح هذه الفكرة. فكيف، و قد اصبح الامر واقعا، وجي ء بيزيد خليفة لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و قائدا للامة الاسلامية؟ و هذا ما حصل بعد خمسين عاما من وفاة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، و أصبح يزيد هو رأس الدولة المحمدية و امامها و المتصرف الوحيد بشؤونها و مقدراتها.

فكيف قبلت الامة ذلك، و تخلت عن موقفها الحازم الذي كانت ستتخذه حتما قبل هذا، و تخلت عن قادتها الحقيقيين و تراجعت امام هذا الانحراف الكبير و الخطأ الجسيم؟

و يمكننا تلخيص المسألة بأكملها قائلين: انها استدرجت لذلك الانحراف بخطي متصاعدة و متسعة بعد ذلك، بدأت اولاها بانحراف بسيط غير ملحوظ متمثل بالتمييز في العطاء بين المسلمين، كما اوضحناه، ثم تقريب بعض الوجوه غير المؤهلة و البعيدة عن الاسلام اصلا، من الحكم، و استلامها مناصب حساسة فيه كعمال و ولاة و حاشية و مستشارين، و بلغ الامر غايته في اواخر عهد عثمان و عهد معاوية عندما استأثر هذا الاخير نهائيا [بملك] الدولة الاسلامية، و اعلنها اقطاعية خاصة له و لآله، يتحكم و يلعب فيها كيف يشاء، مستغلا خيرات و موارد هذه الدولة


لتعزيز نهجه في الحكم و الحياة، لجعل نفسه و عائلته في المركز الاول للسلطة الي الابد، مستثمرا الانحرافات السابقة، و حتي غير الملحوظة منها التي حدثت تدريجا قبله، و جعلها حجة شرعية و سندا قانونيا لقيام دولته علي الاساس الذي بناه.

ان الامة، و قد رأت معاوية خليفة و قائدا يجلس علي منبر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و يتحدث باسمه، لم تعد تستغرب اذا ما رأت يزيدا و اشباهه علي هذا المنبر. فمن هو يزيد هذا الذي احتل المركز الاول للقيادة الاسلامية بعد حوالي نصف قرن من وفاة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم؟ و تقبلته الامة الاسلامية خليفة و قائدا و اماما..؟!

اما نسبه، فهو يزد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن امية بن عبد شمس بن عبد مناف.