بازگشت

فضح الحكومة الطاغوتية


و قد أثبت الامام عليه السلام صلابته و استقلال موقفه بعد الصلح، و قد حاول معاوية جره الي ألاعيبه و استخدامه لتنفيذ أغراضه حاسبا أنه سيتنازل الي الحد الذي يتملقه فيه و ينفذ كل رغباته، فعند خروجه من الكوفة الي المدينة وجه اليه معاوية أن يكون هو المتولي لمحاربة الخوارج و قد رفض الحسن عليه السلام ذلك قائلا: «و الله لقد كففت عنك لحقن دمآء المسلمين، و ما أحسب أن ذلك يسعني؛ فكيف أن أقاتل قوما أنت أولي بالقتال منهم؟ فلما رجع الجواب اليه وجه اليهم جيشا أكثره من أهل الكوفة) [1] فقد أفصح في جوابه لمعاوية عن رأيه فيه، و أنه لم يكف عن قتاله الا خوفا من حقن دماء المسلمين مع أنه كان أولي بالقتال من الخوارج، كما أنه ليس بصاحب قضية أو مبدأ يقاتل عنه، و انما يقاتل لتوطيد ملكه و سلطانه. و ما كان الامام عليه السلام ليساعده بهذه المهمة. و قد عبر عن رفضه لذلك. كما عبر عن رؤيته الصادقة لآل محمد صلي الله عليه و آله و سلم، و تكلم عن سنة الهية تتحدث عن دول الطواغيت القائمة علي أسس واهية و التي تحمل معها عوامل سقوطها و اندثارها، و كان ايجازه في التعبير و بلوغه القصد بكلمات قليلة مبعث تشاؤم لمعاوية الذي استجاب لعمرو بن العاص الذي حسب أن الامام عليه السلام قد يضعف بعد الصلح و أنه اذا ما قام خطيبا أمام أهل الكوفة الذين كانوا وراءه بالأمس، فقد يعجز عن الكلام، فتقل قيمته في نظرهم (و كان عمرو بن العاص حين اجتمعوا بالكوفة قد كلم معاوية و أمره أن يأمر الحسن أن يقوم و يخطب الناس، فكره ذلك معاوية، و قال: ما تريد الي أن يخطب الناس؟ فقال عمرو: لكني أريد أن يبدو عيه للناس؛ فلم يزل عمرو بمعاوية حتي أطاعه، فخرج معاوية فخطب الناس، ثم أمر رجلا فنادي الحسن بن علي عليهم السلام، فقال: قم يا حسن فكلم الناس، فتشهد في بديهة أمر لم يرو فيه،ثم قال: أما بعد، يا أيها الناس، فان الله قد هداكم بأولنا، و حقن دماءكم بآخرنا، و ان لهذا الأمر مدة، و الدنيا دول، و أن الله تعالي قال لنبيه صلي الله عليه و آله و سلم: (و ان أدري لعله فتنة لكم و و متع الي حين) [2] [3] .

لقد كان عليه السلام يدرك أن عمر دولة الظلم لن يكون طويلا، و كان كلامه تحذيرا لمعاوية من التمادي في الانحراف و الخروج المعتمد عن الاسلام.



پاورقي

[1] العقد الفريد 181 - 1.

[2] الأنبياء: 111.

[3] الطبري 168 - 167 - 3.