بازگشت

مصادر أهل السنة تعلن الفضائل العلوية


نقول: اذا ما حاول أحد أن يدعي أن طائفة من المسلمين (و هم الشيعة هنا) بالذات، قد تأولوا الايات المنزلة بحق آل البيت و نسبوا الفضل اليهم، و فسروا أحاديث الرسول صلي الله عليه و آله و سلم علي هواهم، بل ربما قاموا هم بوضعها..!! فاننا نرده الي مصادر المسلمين من (أبناء السنة) أنفسهم، أولئك المنصفين، الذين لم ينجرفوا وراء تقسيمات معاوية المزعومة و من جاء بعده للمسلمين علي أساس يثبت مصالحهم كما تبين لنا وقائع التاريخ. و أوردوا (علماء السنة و محدثوهم و علماؤهم) من أهل البيت اشارات واضحة لا ينبغي بعدها أن تهمل أو تتغلف ببعض ظلال الشك التي حاول الحاقدون وضعها لطمس اليقين و القول الصادق الفصل، فهل علي المسلمين ان يتحملوا المزيد من الظلام و الجهل، و قد أتيحت لهم فرص المعرفة و الدرس و التمحيص و النظر و التدقيق.؟ و هذا دينهم يدعوهم دائما الي ذلك ويحاول تحريرهم من كل جمود أو تحجر أو جهل.


فلنرجع الي مصادر أهل السنة التي تحدثت عن فضائل آل البيت و نسبتها نسبة صحيحة الي القرآن الكريم و الي الرسول صلي الله عليه و آله و سلم.. لنرجع عشرات المصادر تلك و منها كتب الصحاح، و الي (السيوطي في كتابه (الدر المنثور في تفسير كتاب الله بالمأثور في تفسير قوله تعالي: (أولئك هم خير البرية) قال: أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبدالله. قال: كنا عند النبي صلي الله عليه و آله و سلم فأقبل علي عليه السلام فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «و الذي نفسي بيده، ان هذا و شيعته لهم الفائزون يوم القيامة و نزلت (ان الذين ءامنوا و عملوا الصلحت أولئك هم خير البرية) [1] و أورد السيوطي الحديث عن طرق أخري، كابن عباس و ابن مردويه، و روي بعض هذه الأحاديث عن ابن حجر في الصواعق المحرقة عن الدارقطني، و حدث أيضا عن أم سلمة أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: «يا علي أنت و أصحابك في الجنة» و رويت أحاديث عديدة في نهاية ابن الأثير بهذا المعني، و كذلك عن الزمخشري في كتابه (ربيع الأبرار) روي عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: «يا علي اذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة الله تعالي و أخذت أنت بحجزتي و أخذ ولدك بحجزتك و أخذ شيعة ولدك بحجزتهم، فتري أين يؤمر بنا».

و لو أراد المتتبع لكتب الحديث مثل مسند الامام أحمد بن حنبل و خصائص النسائي و أمثالهما أن يجمع أضعاف هذا القدر لكان سهلا عليه..». [2] .

و قد أوردنا بعض ما أحصاه الامام عبدالحسين شرف الدين الموسوي في كتابه المراجعات حول فضائل علي و آله عليه السلام. و يعيينا أن نجد كتابا من كتب الحديث أو التفسير أو السيرة يخلو من فضائلهم و اشادة القرآن و الرسول الكريم صلي الله عليه و آله و سلم بهم.

و ليس رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، المؤتمن علي كلام الله و علي رسالته مما يمكن أن تزين له نفسه بعض الأهواء البشرية العادية و ينطق عن هوي و عاطفة مجردة. فهذا القائد الحاني الذي لا يري أمامه الا مصلحة أمته و سعادتها و خيرها لا يتكلم جزافا (و ما ينطق عن الهوي انع هو الا وحي يوحي علمه و شديد القوي). [3] .

انه صلي الله عليه و آله و سلم يري في نفسه و في أميرالمؤمنين و ولده عليهم السلام نماذج للاسلام الحي


المتحرك، و قد أراد الجميع أن يكونوا شيعة لهم جميعا معتقدين بهم متابعين لسيرتهم ملتزمين بذلك.

و لم يرد الرسول صلي الله عليه و آله و سلم أن يكون الامام من بين المسلمين فئة خاصة به تتشيع له و يترك البقية يتخبطون في الظلام و الجهل و الضلال. بل أراد الجميع أن يسيروا علي سنته صلي الله عليه و آله و سلم. و من أجدر أن يفهم و يفسر و يمثل هذه السنة تمثيلا حقيقيا من علي عليه السلام.

و نعيد هنا ما سبق أن قلناه: لنتخلص من آثار معاوية و قيوده و تأثيراته و طموحاته و الركام الأسود الذي ألقاه في طريق المسلمين عبر مسيرتهم الطويلة.. و نتخلص من تلك المسميات التي قيدنا أنفسنا بها، و ننظر الي تاريخنا نظرة واعية متفحصة جديدة، و ننظر مجددا الي أميرالمؤمنين و آله و الي معاوية و آله من خلال تصور اسلامي صحيح، قائم علي المبادي ء لا علي المصالح الشخصية. لمجرد أن دولة قامت لآل أمية و تسلطت علي المسلمين، و أنها تسمت بالاسلام و رفعت بعض شعاراته التي وظفتها الدولة لمصلحتها و فائدتها، و لنعزل معاوية عمن سبقه من الخلفاء، فهو نفسه قد اعترف بأنه لم يكن يسير سيرتهم و أنه ليس مثلهم. و أنه اذ يعترف بالعجز عن مجاراتهم، فانه يعلن رفضه لهم. (لقد رميت نفسي علي عمل بن أبي قحافة فلم أجدها تقوم بذلك و لا تقدر عليه، و أردتها علي عمل بن الخطاب فكانت أشد نفورا و أعظم حربا من ذلك. و حاولتها علي مثل سنيات عثمان فأبت علي.. و أين مثل هؤلاء؟ و من يقدر علي أعمالهم؟.) [4] اضافة لتصريحات عديدة مماثلة أكد فيها أنه لا يمكن أن يستجيب لنهج من سبقه من الخلفاء. فهل كان سيستجيب لنهج رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أم أنه سيري أنه نهج مستحيل التطبيق و غير عملي..؟ و كيف كان سيستجيب لمنهج أميرالمؤمنين عليه السلام و عدله الصارم؟ أتري أنه أشاد بالخلفاء السابقين حبا بهم؟ أم كرها لأميرالمؤمنين عليه السلام؟ ألم يتناولهم بالشتيمة و الخروج عن الاسلام برسالته الي محمد بن أبي بكر؟.

لننظر بعين أبي ذر و عمار بن ياسر لابعين عمرو بن العاص و المغيرة و ابن أبي معيط و مروان و أضرابهم.


لنزيح ذلك الظل الأسود الذي ألقاه الأمويون علي تاريخ قادة الاسلام الحقيقيين فحالوا تشويه شخصياتهم و عرضهم علينا كأناس بعيدين عن واقع الحياة، و لا يمكن أن يحققوا للأمة الاسلامية أو الدولة الاسلامية أية قوة أو رفعة أو نفوذ. و أنهم مجرد أناس حلقوا في أجواء حياة مثالية لم تتح للأمة أن تشهدها الا في عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و حسب و لن يمكن اعادة هذه الأجواء ثانية.

لنتخلص من أفكار الدولة الطاغوتية و تصوراتها، و نعود الي الدولة المحمدية و نبحث عن ممثليها الحقيقيين، و ندرس بوعي الشخصيات التي أعدت لقيادة هذه الدولة و بسط سلطانها الذي هو سلطان الله علي الأرض بالكيفية و الشكل الذين أرادهما الله سبحانه و رسوله، لا تلك التي أرادها معاوية و حزبه و السائرون في ركابه من الانتهازيين و المصلحيين و المرتدين و الجهلة و أضرابهم.


پاورقي

[1] البينة: 7.

[2] أصل الشيعة 88 - 87.

[3] النجم 5 - 3.

[4] ابن‏الکثير 132 - 8.