بازگشت

الصلح لا يعني المساومة


و هناك نقطة جديرة بالتأمل و هي عدم لجوء الامام الحسن عليه السلام الي المساومة علي حساب التنازل عن بعض مبادي ء و قيم الاسلام، رغم أن موقف المساومة قد يكسبه قوة أو نصرا مؤقتا بحساب القيم الأرضية البحتة، الا أنه كان يشعر أن سيكون ضعيفا و خاسرا أمام الجهة الوحيدة التي كان يحسب لها حسابا حقيقيا، و هي الله سبحانه و تعالي. فكما لم يفعل ذلك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و رفضه، و رفضه أميرالمؤمنين عليه السلام من بعده عندما أبي أن يدع معاوية و عمال عثمان علي مناصبهم، و رفضه الامام الحسين عليه السلام كذلك فان الامام الحسن رفض اللجوء الي هذا الأسلوب و آثر الفعل المباشر، شمر للحرب بكل جد عندما وجد أنها الأسلوب الأمثل و صالح عدوه و أعلن شروط الصلح علي رؤوس الأشهاد عندما رأي أنه الأسلوب الأمثل للحفاظ علي البقية من آل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و أصحابه و دينه.

كتب اليه عبدالله بن عباس عندما ولي أمر الناس بعد أميرالمؤمنين: (أن شمر للحرب، و جاهد عدوك، و اشتر من الظنين دينه بما لا يثلم دينك، و ول أهل البيوتات تستصلح عشائرهم) [1] .

فهو يدرك أنه ان لجأ الي أسلوب معاوية و طريقته في معالجة الأمور - سيفقد ثقة المسلمين و يجعلهم ينظرون اليه كانسان لا يختلف عن منافسه في شي ء، و لعل معاوية سيكسب من ذلك الموقف أضعاف ما يتوقع أن يكسبه هو منه، هذا اضافة الي أن اللجوء الي أسلوب معاوية سيجعل اتجاه الصراع واحدا و هو الاتجاه الدنيوي البحت الذي لا يحسب أي حساب لقيم السماء العليا.

و هو أمر لا نستغربه من الامام الحسن عليه السلام، كما لم يستغربه منا من اطلع علي موقف مسلم بن عقيل و قد أتيحت له فرصة اغتيال ابن زياد، فرفض ذلك رغم أن قتله قد يغير من وجه المسألة كلها. و هو ليس عجيبا بنظر من عرف الاسلام و آمن به.



پاورقي

[1] العقد الفريد 26 - 25 و 109 - 5.