بازگشت

ضرورة وجود القيادة حتي و ان لم تكن في مركز الحكم


لقد كان من الضروري أن تظل القيادة الحقيقية شاخصة علي الساحة، موجودة حية بعد اختفاء القائد الأول صلي الله عليه و آله و سلم و وفاته. اذ أن من شأن الأمة أن تتفرق و تتوزع اذا ما كانت خلف قيادة لا تحمل تصورا واضحا عن الاسلام لأن من شأن ذلك أن يجعلها غير قادرة علي الاستمرار و التفاعل و العطاء و مواجهة الأزمات الطارئة و المواقف المستجدة.


و قد وجد أميرالمؤمنين عليه السلام أن ينبغي أن يكون موجودا ليقوم الانحراف، و يضع الصيغ العملية لتطبيق الأحكام الالهية، و يعيش مع الأمة حياتها بكل ما تحفل به من مواقف و مستجدات و طواري ء و ظروف اعتيادية و غير اعتيادية.

و مع أن الامام عليه السلام قد لا يكون في مركز السلطة كخليفة، الا أن المركز الذي يتمتع به بين جماهير الأمة، و اتجاه الأنظار اليه و تطلعها الدائم الي شخصيته و ملاحظة نمط حياته، و متابعة سيرته، و ما يشير به في الأزمات، تجعل وجوده ضروريا حتي مع وجود الخلافة غير الشرعية، و ذلك لضمان استمرار قيام الدولة الاسلامية الموجودة بمتابعة خط الدولة الاسلامية الأولي بقيادة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم.

و لم يكن، وضع الامام عليه السلام سلبيا تجاه الأمة أو تجاه الخلافة التي تربعت علي كرسي الحكم، فغالبا ما كان يقوم بوضع الحلول للأزمات و المشاكل و المواقف التي واجهت المتخلف علي أمور المسلمين (ان الأئمة عليهم السلام بالرغم من التآمر علي اقصائهم عن مجال الحكم، كانوا يتحملون باستمرار مسؤوليتهم في الحفاظ علي الرسالة، و علي التجربة الاسلامية و تحصينها ضد التردي الي هاوية الانحراف و الانسلاخ من مبادئها و قيمها انسلاخا تاما. فكلما كان الانحراف يطغي و يشتد و ينذر بخطر التردي الي الهاوية، كان الأئمة يتخذون التدابير اللازمة ضد ذلك. و كلما وقعت التجربة الاسلامية أو العقيدة في محنة أو مشكلة و عجزت الزعامات المنحرفة عن علاجها بحكم عدم كفاءتها، بادر الأئمة الي تقديم الحل و وقاية الأمة من الأخطار التي كانت تهددها.

و بكلمة مختصرة: كان الأئمة يحافظون علي القياس العقائدي و الرسالي في المجتمع الاسلامي، و يحرصون علي أن لا يهبط الي درجة تشكل خطرا ما حقا. و هذا يعني ممارستهم جميعا دورا ايجابيا فعالا في حماية العقيدة و تبني مصالح الرسالة و الأمة.

تمثل هذا الدور الايجابي في ايقاف الحاكم عن المزيد من الانحراف كما عبر عنه الامام علي حين صعد عمر علي المنبر و تساءل عن رد الفعل لو صرف الناس عما يعرفون الي ما ينكرون. فرد عليه الامام بكل وضوح و صراحة «اذا لقومناك بسيوفنا».


طرايق الاصطدام المسلح بها، و الشهادة في سبيل كشف زيفها و شل تخطيطها كما صنع الامام الحسين مع يزيد). [1] .


پاورقي

[1] دور الأئمة في الحياة الاسلامية / الشهيد الصدر ص 12 - 11.