بازگشت

تكامل بين الجوانب...


لا يمكن فصل بعضها عن بعض

و كان النظام الاقتصادي الاسلامي أحد تلك الجوانب المهمة التي لا يمكن فصلها عن الفعاليات العبادية الأخري. و قد جعل من مسؤوليات الدولة و الفرد كليهما تطبيق أحكام هذا النظام و عدم الاخلال بها أو اهمالها أو استبدالها، و ربما كان جانب كبير من مسؤولية استخلاف الانسان - التي نظمها الاسلام و أوضح بنودها - معنية بهذا النظام و أحكامه و تفاصيله.

و لا يحسبن أحد أن النظام الاقتصادي الاسلامي مجرد تعليمات تحث علي البر و الاحسان و الصدقة بل انه نظام تكفل بتحقيق أعلي قدر من المساواة بين الناس قائم علي مجمل الدين الاسلامي ذي المبادي ء و الأحكام و القيم المنسجمة المتحدة و القادرة علي التحكم في الحياة و جعلها تسير في اطارها و في حدودها. و هكذا (نعرف أن الاقتصاد الاسلامي بوصفه جزءا من تنظيم اجتماعي شامل للحياة، يجب أن يندرج ضمن الاطار العام لذلك التنظيم، و هو الدين، فالدين هو الاطار العام لاقتصادنا المذهبي..


و وظيفة الدين - بوصفه اطارا للتنظيم الاجتماعي و الاقتصادي في الاسلام - أن يوفق بين الدوافع الذاتية و المصالح الخاصة من ناحية، و المصالح الحقيقية العامة للمجتمع الانساني - من وجهة نظر الاسلام - من ناحية أخري.

[و الاقتصاد الاسلامي]اقتصاد واقعي في غايته لأنه يستهدف في أنظمته و قوانينه الغايات التي تنسجم مع واقع الانسانية، بطبيعتها و نوازعها و خصائصها العامة. و يحاول دائما أن لا يرهق الانسانية في حسابه التشريعي و لا يحلق بها في أجواء خيالية عالية فوق طاقاتها و امكاناتها. و انما يقيم مخططه الاقتصادي دائماعلي أساس النظرة الواقعية للانسان، و يتوخي الغايات الواقعية التي تتفق مع تلك النظرة.

و هو واقعي في طريقته أيضا فكما يستهدف غايات واقعية ممكنة التحقيق، كذلك يضمن تحقيق هذه الغايات ضمانا واقعيا ماديا، و لا يكتفي بضمانات النصح و التوجيه التي يقدمها الوعاظ و المرشدون، لأنه يريد أن يخرج تلك الأهداف الي حيز التنفيذ، فلا يقنع بايكالها الي رحمة الصدف و التقادير، فحين يستهدف مثلا ايجاد التكامل العام في المجتمع، لا يتوسل اليه بأساليب لتوجيه و استشارة العواطف فحسب، و انما يسنده بضمان تشريعي، يجعله ضروري التحقيق علي كل حال.

و الصفة الثانية للاقتصاد الاسلامي، و هي الصفة الأخلاقية، تعني - من ناحية الغاية - ان الاسلام لا يستمد غاياته التي يسعي الي تحقيقها في حياة المجتمع الاقتصادية من ظروف مادية و شروط طبيعية مستقلة عن الانسان نفسه. و انما ينظر الي تلك الغايات بوصفها معبرة عن قيم عملية ضرورية التحقيق من ناحة خلقية.

و تعني الصفة الخلقية - من ناحية الطريقة -: ان الاسلام يهتم بالعالم النفسي خلال الطريقة التي يصفها لتحقيق أهدافه و غاياته) [1] .

ان محاولة الغاء هذا النظام أو استبداله تعني الغاء الاسلام نفسه أو استبداله بدين جديد لا يحمل الا اسمه، لأنه يعني تجريده من مقوم هام من مقومات وجوده، يضمن تحقيق أهدافه العامة المترابطة و المنسجمة و الهادفة علي وضع جميع الناس علي طريقه.



پاورقي

[1] اقتصادنا ج 300 - 299 - 277 - 276 1.