بازگشت

اراد الله.. و أرادوا


أوقفوا مسيرة الاسلام

لقد أراد الاسلام للحياة أن تنتظم علي أساسه، و لم يرد للانسان أن يهمل أيا من احتياجاته و مطالبه. لكن علي أساس موزون لا يفرط بنفسه هو و لا يمس بالآخرين و لا يلحق بهم حيفا أو غبنا أو أذي، و وضع لذلك قواعد عملية تنظم كل الفعاليات، غير أنه أراد للانسان أن يتبناها عن قناعة بها و رضي، و من هنا كان تغلب الجانب الأخلاقي الظاهري الذي أراد أن يؤهلنا لتقبل كل تعاليم الاسلام، لا كأوامر ملقاة الينا من قوي لا ندرك كنهها، و لابد من تنفيذها، بل كأمور تحيزنا اليها عن وعي و أحببناها و تبنينا العمل بها و فضلناها علي ما سواها. و قد أراد الاسلام أن يجعل الضوابط التي تمنعنا من الانحراف ذاتية نابعة عن قناعاتنا التامة به و شعورنا بالانتماء الحقيقي اليه و القرب القوي منه و من الرسول صلي الله عليه وآله وسلم أيضا و من الله سبحانه و تعالي كذلك بل وحبنا للرسالة و الرسول و المرسل. لا تهددنا سلطة أرضية أو يلاحقنا جهاز للشرطة و القضاء. و قد أرادنا أن نواجه (القاضي) الحقيقي دائما. القاضي العادل الرحيم العليم و نجعله نصب أعيننا و أمامنا دائما. و هذي هي عظمة الاسلام و قوة الاسلام فهو واقعي و عملي، و لم يطرح قوانينه و تعاليمه بشكل لا ينسجم مع فعاليات الانسان الطبيعية بل بشكل ينظمها و يقترب بها من المثل الأعلي الحي الوحيد، و هو الخالق الأحد. كما أنه قريب من النفوس، و ما يطلبه ممكن الأداء و التنفيذ، بل أنه محبب اليها متي ما أدركته و أدركت جدواه وفائدته و فهمته جيدا. و كانت هذه مهمة كل أبنائه من العلماء الربانيين و المتعلمين، علي مر الزمن، أن يجعلوه قريبا من النفوس و بعيدا عن الانحراف، و ألا يسمحوا لأية طبقة طفيلية بالنمو علي حساب الأمة لتكون هي المتسلطة بالتالي و المالكة الآمرة الطاغية.

لقد كانت الأمة مدعوة في كل زمن للانتباه الي كل من يحاول تجريدها من اسلامها و استبداله باسلام مسخ لا يحمل من الاسلام الا اسمه. و كان الصراع قويا بين الطبقات التي بدأت تتسلط و تقوي و تنمو و تدافع عن (مكاسبها) بكل شراسة، و بين الطبقة المستضعفة التي لم تعدم من بين بنينها من يقوم بمهمة التصدي لتلك الطبقة الأولي التي بدأت تبسط نفوذها بشكل فعلي في زمن معاوية، و ان كانت قد وجدت لها محط قدم قبيل ذلك و بشكل ملحوظ في زمن عثمان.