بازگشت

انتهاكات مفضوحة و مزاعم مكشوفة


و لابد أن يزيد وفق نظرية معاوية التي ذكرناها هنا و التي يشير فيها اشارات موحية مضللة الي أن الخلف لا يمكن أن يصل الي مستوي السلف، و أن من جاءوا قبلا هم أفضل ممن سيجيئون بعدهم. (اني وليتكم ولن يليكم أحد بعدي خير مني، و انما يليكم من هو شر مني كما كان من وليكم خيرا مني) [1] .

ان يزيد وفق هذه (النظرية) التي تبناها هو فيها بعد - كما ذكرنا أيضا - لابد أن يكون أفضل ممن جاء بعده.! و لم نظرنا بمقياس معاوية هذا لرأينا أن عبد الملك و الوليد و هشام و يزيد و الوليد ابنه و غيرهم و غيرهم، انما كانوا يتصرفون وفق (سنة) طبيعية (و قانون) مقر معترف به، وضعه (الخليفة) الأموي الأول و قبلت به الأمة، و أن هؤلاء (الخلفاء) لم يفعلوا شيئا، و أنهم انما تصرفوا وفق النظرية و القيم الأموية المتبناة التي تبيح الخروج عن الاسلام، و تجعل من ذلك أمرا مشروعا. و أن هذا الخروج المتعمد أو السلوك التنازلي قد أصبح تقليدا متبعا و سنة أموية، حتي أن كل (خليفة) منهم لم يكلف نفسه حتي بأن يكون مثل من سبقه. لقد وجد هؤلاء من (يبيح) لهم تصرفاتهم المحظورة و انحرافاتهم الخاطئة. و بما أنهم كانوا يرون أن آباءهم الذين و ضعوا لهم هذا (المنهج) و هذا (المذهب) في الانحراف أفضل منهم، فانهم كانوا - بلا شك - يتصرفون وفق قناعات بمنهج و مذهب الآباء و لا يرون أنهم انحرفوا أو أخطأوا و لعلهم سيقولون كما قال المعاندون المنحرفون الأولون: (قالوا انا وجدنآ ءابآءنا علي أمة و انا علي ءاثارهم مهتدون) [2] .

(و اذا قيل لهم اتبعوا مآ أنزل الله قالوا بل نتبع مآ ألفينا عليه ءابآءنا أولو كان ءابآؤهم لا يعقلون شيئا و لا يهتدون) [3] .

(قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه ءابآءنا و تكون لكما الكبريآء في الأرض و ما نحن لكما بمؤمنين) [4] .


(و اذا قيل لهم تعالوا الي مآ انزل الله و الي الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه ءابآءنا أولو كان ءابآؤهم لا يعلمون شيئا و لا يهتدون) [5] .

و اذ رأي هؤلاء الأبناء أنفسهم متمتعين بامتيازات استثنائية هائلة أتاحها لهم أولئك الآباء الذين لم يورثوهم أسباب الترف و النعيم و حسب، و انما الملك و الزعامة و الوجاهة و التسلط علي أموال الناس و رقابهم و مقدراتهم. أصبحوا مقتنعين بأولئك الآباء علي أنهم (المثل الأعلي) العالي لا المنخفض الحسي السيي ء الذي تتحكم به الرغبات و الشهوات البهيمية المتدنية. و لن يتاح لأحد اقناعهم بالتنازل - بسولة - عن هذا (المثل الأعلي) المنخض الذي وجدوه قائما قبلهم و مهد لهم كل شي ء و أتاح لهم كل هذه الامتيازات.


پاورقي

[1] البداية و النهاية 142 - 8.

[2] الزخرف: 22.

[3] البقرة: 170.

[4] يونس: 78.

[5] المائده 104.