بازگشت

هل كانت معركة بين فئتين من المسلمين


كان كل ذلك لأن المتصدين للأمام عليه السلام - الذي تبني الاسلام و التزم خطاه بشكل تام، رأوا أن معركتهم معه لا يمكن أن (تفوز) ما لم يحاربوا العدوين معا، الامام عليه السلام و الاسلام. و لأن هؤلاء المتصدين للامام كانوا كثيرين و كانوا عقبة في سبيل تطبيق المبادي ء الاسلامية. جعلوا الأمة تعتقد أن الاسلام لا يمكن أن يطبق وفق نظرة علي بن أبي طالب، لأنه - و هذه حجتهم - قد جوبه و حورب بشدة عندما حاول اقامة دولته الاسلامية علي نفس النمط الذي أقامها به الرسول صلي الله عليه وآله وسلم. ناسين أو متناسين أنهم هم من أعلن عليه العداوة و الحرب للأسباب التي ذكرناها في غضون هذا الكتاب. و هم نفسهم الذين انهزموا أمام رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الذي لم يجرؤ علي الاختلاف فيه اثنان بعد اكمال الدين و اتمام النعمة. فأعادو الكرة علي خليفته بعد فشلوا معه.

و اذ حاول معاوية اخفاء هذه الحقيقة، فان يزيد الأقل حذرا و الأكثر استرسالا في الجرائم المعلنة لم يستطع أن يخفي مشاعره عندما عبر عنها بعد واقعة الحرة المشؤومة التي ألحقت أكبر الأذي بالمسلمين. فهو لم ينس هزيمة المشركين و في مقدمتهم آل أبي سفيان في بدر أمام الرسول صلي الله عليه وآله وسلم. و لم ينس الحقد المتأجج في نفسه و نفوس الآخرين من آل أمية علي الرسول و آل الرسول و أصحاب الرسول و أنصار الرسول. فكانت أبياته التي رددها فرحا تعبر عن هذا الحقد المرير علي الاسلام و رسوله و نعبر عن الرفض التام و الواضح للاسلام و الانكار المعلن للوحي [1] .


تربع معاوية علي دست الزعامة الاسلامية بعد ثلاثين عاما من وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و تربع يزيد علي هذا الدست بعد عشرين عاما من ذلك، أي بعد نصف قرن فقط من وفاة الرسول الكريم صلي الله عليه وآله وسلم. فاذا كان هذا النصف قرن من الزمن، قد وصل بالاسلام الي الحال المتردية التي وصل اليها، فكيف سيكون الحال بعد أربعة عشر قرنا من الزمن؟ لو كان العد تنازليا لكنا قد رجعنا الآن الي عهد نوح، و لشهدنا لا جاهلية واحدة، بل جاهليات متعددة، يتستر بعضها بثوب الاسلام، و تلبس رداءه و تدعي تمثيله.؟ و هذا ما نشهده فعلا. جاهليات عصرية تمتلك كفاءات لم تكن تملكها تلك الجاهليات القديمة ذات الأسلوب المباشر في الشرك. فهل علينا أن نقول الآن أنه ليس من حق الأمة الاسلامية أن تراقب سلوك حاكميها و ترصده و تقومه و تعرضه علي الاسلام لتري مدي مطابقته له؟ أم أننا ينبغي أن نعلن استسلامنا و سكوتنا و خضوعنا المطلق من دمنا قد بايعنا و (انتخبنا) الآن، و نترك الأمر لله بعد ذلك يحاسب في الآخرة، فيغفر سبحانه لمن يشاء و يؤاخذ من يشاء علي حد تعبير كاتبنا الكبير، و تستمر الأمة في الوقوع فريسة بيد حاكمها المحضوض الذي اختص لوحده بهذه المنحة الالهية. و لتذهب الأمة كلها الي الجحيم.؟.


پاورقي

[1] فقد روي أن يزيد أنشد بعد سماعه أخبار واقعة الحرة و اباحة المدينة ثلاثة أيام من قبل مسرف بن عقبة و دعوة الناس للبيعة علي أنهم خول ليزيد بن معاوية و يحکم في دمائهم و أموالهم و أهليهم ما شاء.



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل‏



حين حلت بفناهم برکها

و استجر القتل في عبد الأشل‏



قد قتلنا الضعف من أشرافهم

و عدلنا ميل بدر فاعتدل‏



لعبت هاشم بالملک فلا

ملک جاء و لا وحي نزل



و قد علق ابن کثير في (البداية و النهاية 227 - 8) علي هذه الأبيات قائلا (فهذا ان قال يزيد بن معاوية فلعنه الله و عليه لعنة اللاعنين و ان لم يکن قاله، فلعنة الله علي من وضعه عليه ليشنع به عليه). أتري أن ما فعله يزيد فعلا - و يذکره ابن کثير نفسه لا يعتبر جريمة حقا. و ان الجريمة لفظه هذه الأبيات فقط؟.