بازگشت

احقا أنك لا تعرف الحقائق أيها الكاتب الاسلامي الكبير؟


و لنرجع الي كاتبنا الاسلامي الكبير محمد قطب الذي لم ينزعج مما عمله بنو أمية، و لا يري أنه أمر كان يقصد به - بفعل مدبر و متعمد - القضاء علي الاسلام، و ان ما فعلوه لم يعمل سوي أن أخره قليلا.! يقول الكاتب الاسلامي الكبير: (ان هناك - كما أشرنا مرارا من قبل - و هما يجسم عن قصد و غير قصد مفاده أن الانحراف الذي وقع في عهد بني أمية - فضلا عما بعده - قد قضي علي هذا الدين! و هو وهم يكذبه الواقع! و أبسط ما يقوله الواقع ان هذا الدين ما زال باقيا الي هذه اللحظة بدليل الصحوة الاسلامية، بعد وقوع انحرافات لبني أمية بأربعة عشر قرنا علي وجه التقريب. و شهادة الواقع تكفي).

و لكن الذي نريده هنا هو محاولة تحديد حجم ذلك الانحراف بالقياس الي ما بقي سليما من الصورة. لقد حدث دون شك هبوط عن الذروة التي كانت علي عهد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و الخلفاء الراشدين من بعده، و هذا الهبوط عن تلك الذروة هو ذاته أحد أسباب ذلك الوهم الذي يتجسد في أذهان بعض الناس من أن الاسلام قد انتهي منذ ذلك الحين، فنحب أن نقرر بادي ء ذي بدء - ان تلك الذروة بكل روعتها لم يكن يفترض أن تقوم في الأرض كثيرا بعد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لأن وجوده بشخصه عليه الصلاة و السلام كان عاملا مهما فيها. كما أن أثر النشأة الجديدة كان عاملا مهما فيها كذلك، و هما عاملان بطبيعتهما لا يتكرران و لا يدومان. و نحب أن نقرر كذلك أن الجيل الذي ارتفع الي تلك الذروة قد ارتفع اليها تطوعا لا تكليفا و ان الله لم يفرض علي البشر أن يرتفعوا الي تلك القمم الشاهقة فرضا، و ان كان قد حبب اليهم ذلك. و كلنا لا نحاسب أحدا بمقتضي ذلك التطوع التطوع النبيل، و لا نحاسب بني أمية و لا بني العباس و لا آل عثمان و لا غيرهم بتلك القمم الشاهقة التي وصل اليها أفراد الجتمع المسلم


في عهد الذروة، و كان علي رأسهم الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم و انما نحاسبهم بما فرض الله عليهم فرضا و جعل النكول عنه ذنبا يساءلون عنه أمام الله يوم القيامة، فيغفر سبحانه لمن يشاء و يؤاخذ من يشاء) [1] - انتهي كلام الكاتب الكبير.

و نعيد ما سبق أن قلناه أيضا: ألم يكن الانحراف الأموي بمهد لانحراف أوسع؟ كما سبق أن مهد له الانحراف الذي كان قبله مع أنه لم يكن واضحا في البداية..؟.


پاورقي

[1] کيف نکتب التاريخ - محمد قطب ص 117 - 116.