بازگشت

انحرف علي أن لا يعلم بأمرك أحد


فالصلاة أمر لا يمكن لأسبط مسلم عادي أن لا يؤديه، فكيف بخليفة المسلمين و قائدهم و سلطانهم المرتقب؛ فقد رأي معاوية أن الناس لا يمكن أن تتساهل مع أي انسان حتي و لو كان (خليفة) اذا ما تجاهل الصلاة و تركها، مع أنه رأي أنهم يمكن أن يسكتوا عن بعض التجاوزات الأخري، انه أراد أن يزين يزيد في أعين الناس ليتظاهر أمامهم بالصلاة ليعظم في أعينهم و تعظم مملكته، و اذا ما أرفق ذلك بستر جوانب سلوكه الأخري المشينة المتهتكة. فهو يوصيه أيضا عندما شعر بافراطه في الشهوات و مجاهرته بها: (فأحب أن يعظه برفق، فقال له: يا بني ما أقدرك علي أن تصل الي حاجتك من غير تهتك يذهب بمرؤتك و قدرك و يشمت بك عدوك و يسي ء بك صديقك) [1] انه لم ينكر عليه اقباله علي الملذات، ولكنه أمره أن لا يتجاهر بها طالما أنه معد لاستلام كرسي الخلافة بعد أبيه. و لنلاحظ صياغة العبارات جيدا.

و حتي الوليد بن يزيد المتهتك، الذي جاء الي السلطة و قد وجد الامور مستتبة له بعد عدة (خلفاء) عملوا قبله علي تطويع الأمة و اخضاعها و اذلالها، و الذي أعلن عن تهتكه علي رؤوس الأشهاد، لم يستطع التظاهر بالاستغناء عن هذه (الزينة) التي يزين بها عرشه و يتقرب بها الي الناس - و هي الصلاة - لأنه رأي أنها آخر خيط من الشرعية يمكن أن يربطه بالمحكومين ليكون رأسا لهم و سلطانا عليهم باسم الاسلام. فقد حسب أنهم لا يريدون منه الا الأداء الظاهري لهذه الفريضة. و اذ لم يستطع بعد ليلة استمتع فيها بجواريه و خمره، أن يخرج للصلاة عندما (جاء المؤذنون يؤذنونه بالصلاة - فأخرجها - احدي جواريه - و هي سكري جنبه متلثمة فصلت بالناس) [2] و قد حسب أنه قد أدي المهمة، و كفي الله المؤمنين القتال. و لا


ندري كيف كان يفكر ساعتها و بأية طريقة عندما أرسل جاريته السكري الجنبة لتصلي بالناس.


پاورقي

[1] المصدر السابق 231 - 8.

[2] القد الفريد 191.