بازگشت

محاولة الغاء المستخلف


و مهما قيل من تبريرات لالغاء النظرية الاسلامية الواقعية الجدية بخصوص الاستخلاف أو الغاء البعد الرابع، و هو (المستخلف)، الله عزوجل، و التذرع بغلبة الظروف التي تمر (الدولة الاسلامية) و موجبات السياسة و الحكم و العصبية [1] ، و جمع


شمل الأمة و عدم فسح المجال (للأعداء) و الكفار! و غيرهم للتدخل في شؤون الدولة أو شن حرب عليها. و لا حظ كيفية تبرير ابن خلدون لوجود الدولة الأموية بالشكل المغاير لدولة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم و استئثارها بكل المكتسبات التي حققها المسلمون بدمائهم و تضحياتهم و وصفه أمر خروج معاوية علي الامام عليه السلام بأنه مجرد فتنة و أن معاوية لم يكن مخطئا، و أنه من الأمور الطبيعية أن يكون شكل الحكومة الاسلامية بالشكل الذي كان عليه أيام معاوية كأنه سنة الهية و أمر محتوم. (و لما وقت الفتنة بين علي و معاوية، و هي مقتضي العصبية، كان طريقهم فيها الحق و الاجتهاد، و لم يكونوا في محاربتهم لغرض دنيوي أو لايثار باطل و لاستشعار حقد كما قد يتوهمه متوهم و ينزع اليه ملحد، و انما اختلف اجتهادهم في الحق وسفه كل واحد نظر صاحبه باجتهاده في الحق فاقتتلوا عليه، و ان كان المصيب عليا، فلم يكن معاوية قائما فيها بقصد الباطل، انما قصد الحق و أخطأ، و الكل كانوا في مقاصدهم علي حق، ثم اقتضت طبيعة الملك الانفراد بالمجد و استئثار الواحد به، و لم يكن لمعاوية أن يدفع عن نفسه و قومه، فهو أمر طبيعي ساقته العصبية بطبيعتها و استشعرته بنوأمية و من لم يكن علي طريقة معاوية في اقتفاء الحق من أتباعهم فاعصوصبوا عليه و استماتوا دونه، و لم حملهم معاوية علي غير تلك الطريقة و خالفهم في الانفراد بالأمر لوقوع في افتراق الكلمة التي كان جمعها و تأليفها أهم عليه من أمر ليس وراءه كبير مخالفة.

و كذلك عهد معاوية الي يزيد خوفا من افتراق الكلمة بما كانت بنوأمية لم يرضوا تسليم الأمر الي من سواهم فلو قد عهد الي غيره اختلفوا عليه من أن ظنهم به


كان صالحا و لا يرتاب أحد في ذلك و لا يظن بمعاوية غيره، فلم يكن ليعهد اليه و هو يعتقد ما كان عليه من الفسق حاشا الله لمعاوية من ذلك. و كذلك كان مروان بن الحكم و ابنه و ان كانوا ملوكا لم يكن مذهبهم في الملك مذهب أهل البطالة و البغي انما كانوا متحرين لمقاصد الحق جهدهم الا في ضرورة تحملهم علي بعضها مثل خشية افتراق الكلمة الذي هو أهم لديهم من كل مقصد...) [2] .


پاورقي

[1] کما أشار الي ذلک ابن‏خلدون في مقدمته (الملک انما يحصل بالتغلب، و التغلب انما يکون بالعصبية و اتفاق الأهواء علي المطالبة ص 174 (ان صاحب الدولة انما يتم أمره بقومه، فهم عصابته و ظهراؤه علي شأنه و بهم يقارع الخوارج علي دولته و منهم يقلد أعمال مملکته و وزارة دولته و جبابة أمواله لأنهم أعوانه علي الغلب و شرکاؤه في الأمر... ص 202 و اعتبر في ذلک دولة بني‏أمية کيف کانوا انما يستظهرون في حروبهم و ولاية أعمالهم برجال العرب مثل عمر بن سعد بن أبي‏وقاص و عبيدالله بن زياد بن أبي‏سفيان! و الحجاج بن يوسف.. 203 و انما الملک علي الحقيقة لم يستعبد الرعية و يجني الأموال و يبعث البعوث و يحمي الثغور و لا تکون فوق يده يد قاهرة. فحقيقة السلطان أنه المالک للرعية القائم في أمورهم عليهم 208 (اشترط الشارع في الحاکم قلة الافراط في الذکاء و مأخذه من قصة زياد بن (أبي‏سفيان)! لما عزله عمر عن العراق و قال له:... کرهت أن أحمل فضل عقلک علي الناس. فأخذ من هذا أن الحاکم لا يکون مفرط الذکاء و الکيس مثل زياد بن أبي‏سفيان! و عمرو بن العاص لما يتبع ذلک من التعسف و سوء الملکة.. ص 209. اقامة أحکام الشريعة و ذلک لا يحصل الا بالعصبية و الشوکة و العصبية مقتضية بطبعها للملک فيحصل الملک و ان لم ينصب أمام 213... فلا حظ هذا الکلام و أمثاله و لا حظ أننا نتکلم عن دولة اسلامية.

[2] مقدمة ابن‏خلدون ص 228 - 227 فلاحظ ما في هذا الکلام من مغالطات. و کأن ابن‏خلدون يتحدث عن دولة للفرس أو الروم. و لا ندري کيف علم بنوايا معاوية التي لم يحاول هو نفسه اخفاءها و أعلنها للناس صراحة. و لا ندري أيضا لم هذا الحماس في تبرير مواقفه و أخطائه التي ألحقت أکبر نکسة بالمسلمين لا نزال نعيش آثارها الي اليوم. هل کان ابن‏خلدون يدرک أنه يتحدث عن دولة اسلامية ينبغي أن تکون مقتدية بدولة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم نفسه. و يتحدث عن خليفة يفترض منه أن يکون مقتديا بالرسول الکريم صلي الله عليه وآله وسلم. و نسأله - لو کان يسمع - هل کان معاوية الداهية هو الذي يسير قومه و أهل الشام أم أنه کان مسيرا من قبلهم محکوما بأوامرهم و نواهيهم..؟.