بازگشت

نتائج التنازل


و قد أدي تنازلها الي تفتيتها و تشتيت شمل أبنائها من أبناء مجتمع واحد يجمعهم انتماء واحد الي مجتمعات متفرقة شامية و حجازية و عراقية و مصرية، قرشية و غير قرشية، عربية و غير عربية، لكل منها ملامح و مقومات خاصة، و بينها حواجز عديدة من العصبيات و الميول و الأهواء، و لا تكاد الرابطة الاسلامية تجمع بينها و توحدها بقدر ما تجمع بينها القوة الغاشمة المتسلطة و التي تلبس رداء الخلافة البراق، و الحاكمة باسم الله حكما مطلقا مستبدا تبدو فيه نزوات الحاكم و رغباته فقط، مستبعدة


القوة العليا التي تدعي أنها تحكم باسمها، و هي الله سبحانه و تعالي، و البرامج الحياتية المتكاملة التي أنزلها علي رسوله الكريم، ممثلة بالاسلام، و التي لا ينبغي عليها أن تخرج عنها بأي حال من الأحوال و تحت أية ذريعة أو حجة. و الا فانها تكون بذلك قد أبطلت كل مبررات وجودها و شرعيتها، غير أن تحدي هذه الدولة الأموية للتشريعات الاسلامية الأساسية مع أداءاتها و اصرارها علي أنها تحكم باسم الاسلام و أنها الممثل الشرعي و الخليفة المقبول للرسول صلي الله عليه وآله وسلم و أنها القيادة المؤهلة لحكم هذه الأرض يشكل أكبر نقض للاسلام و أكبر تحد بوجهه، لأنها في الوقت الذي تجرده فيه من عناصر القوة و البقاء و الديمومة، فانها تحرص علي رفعه كقودة دعائية لا يزال لها بعض النفوذ المعنوي علي النفوس. و بكلمة فان الدولة الأموية أرادت أن تثبت أن دينها الذي أوجدته بديلا عن الاسلام هو الموهل لقيادة الحياة، و ان الاسلام الذي جاء به محمد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يفتقر الي الموهلات العملية و الي الواقعية التي زعمت أنها قد دعمت به الدين وقوته. مع أنها دقت بذلك اسفينا لقتله و قبره.