بازگشت

نادرة مبكية


و لمعاوية نادرة طريفة هنا مع يزيد، ترويها لنا كتب التاريخ. فقد قال معاوية ليزيد: (كيف تراك فاعلا ان وليت؟ قال: كنت والله يا أبة عاملا فيهم عمل عمر بن الخطاب. فقال معاوية: سبحان الله يا بني. و الله لقد جهدت علي سيرة عثمان بن عفان، فما أطقتها، فكيف بك و سيرة عمر؟!) [1] .

لقد كان معاوية يدرك أنه يسير بزاوية انحراف، لابد أن تنفرج في النهاية عن المزيد. و قد سخر من يزيد حينما قال بأنه سيعمل بسيرة عمر - هذا اذا كانت الرواية صحيحة، و رأي أن يزيد ما كان ليستطيع أن يبلغ فابلغه هو، بل أنه سينحدر و سنيحرف كثيرا. ان كل انحراف كان يمهد لانحراف أوسع بعده، فكأن الأمر كان متعمدا للخروج بشكل سافر عن الاسلام.


كان معاوية يمهد لتقبل هذا الانحراف، بل و تبنيه علي أنه هو القاعدة. كما كان يمهد لاقتران الخلافة بشخصه و أشخاص أبنائه من بعده. و قد كان ذلك يبدو بشكل واضح، و لم يكن الاسلام صالحا له الا بالقدر الذي يحقق مصالح (سلالة الخلفاء) هذه التي امتدت بعدها سلالات و سلالات، نهجت نفس المنهج و اتبعت نفس الخطي.

و هكذا نشأت دولة طاغوتية فرعونية لا تمت للاسلام بصلة الا كما تمت العديد من الدول التي تدين بالاسلام دينا رسميا، لكنها لا تجعل منه سوي ستار لأغراضها و برامجها البعيدة عنه بعدا كليا.

لقد عرف العلامة أبوجرير الطبري الطاغوت بقوله (هو كل طغيان علي الله، فعبد من دونه، أما بقهر منه لمن عبده، و أما بطاعة ممن عبده له، انسانا كان ذلك المعبود أو شيطانا أو وثنا أو صنما أو كائنا ما كان من شي ء) [2] .


پاورقي

[1] ابن ‏کثير 233 - 7.

[2] تفسير أبوجرير الطبري - ط 1968 - 3 مکتبة البابي الحلبي بمصر - م 3 ص 19.