بازگشت

مقولات مدروسة


لقد جاء في آخر خطبة خطبها معاوية قوله: (اني وليتكم، و لن يليكم أحد بعدي خير مني، و انما يليكم من هو شر مني، كما كان من وليكم خيرا مني) [1] فهو هنا يمهد ليزيد، فهو يقول: ان عليكم أن تتقبلوا واقعكم، و عليكم أن لا تتخلوا عمن سيجي ء من بعدي و ان كان شرا مني، و هكذا فانه أعد حجة سيرددها (الخلفاء) من بعده اذا ما فكر أحدهم بالخروج علي هؤلاء الخلفاء أو الاعتراض علي أشكال سلوكهم.


و هكذا كانت خطبة يزيد بعد وفاة معاوية نسخة مكررة منها و قد جاء فيها: (ان معاوية بن أبي سفيان كان حبلا من حبال الله، مده ما شاء أن يمده، ثم قطعه حين شاء أن يقطعه، و كان دون من قبله و خيرا ممن يأتي بعده، و لا أزكيه و قد صار الي ربه فان يعف عنه فبرحمته و ان يعذبه فبذنبه، و قد وليت الأمر بعده، و لست أعتذر عن جهل و لا أني عن طلب، و علي رسلكم، اذا كره الله شيئا غيره، و اذا أراد شيئا يسره) [2] [3] .


پاورقي

[1] ابن کثير - البداية و النهاية 144 - 8.

[2] و قد أورد ابن ‏کثير الخطبة بشکل يختلف عن هذا حيث ورد فيها (أن معاوية کان عبدا من عبيدالله، أنعم الله عليه، ثم قبضه اليه، و هو خير ممن بعده و دون من قبله، و لا أزکيه علي الله عزوجل، فانه أعلم به. ان عفي عنه فبرحمته و ان عاقبه فبذنبه. و قد وليت الأمر من بعده، و لست آسي علي طلب و لا أعتذر من تفريط. و اذا أراد الله شيئا کان... ثم قال: و ان معاوية کان يغز لکم في البحر و اني لست حاملا أحدا من المسلمين في البحر، و أن معاوية کان يشتيکم بأرض الروم و لست مشتيا أحدا بأرض الروم و أن معاوية يخرج لکم العطاء ثلاثا و أنا أجمعه لکم کله)... البداية و النهاية 146 - 7 فهو يعتبر الخلافة مجرد فضل يؤتيه الله من يشاء. ثم هو هنا يحاول رشوة الناس و ايعادهم بالدعة و الراحة و عدم غزو الأعداء أو التصدي لهم و ذلک لکي يقبلون علي علاته، و لا يستاءلوا عن جوانب سلوکه و تصرفاته المخزية المفضوحة.. و جهله الذي لم يتمکن من ستره و اخفائه.

[3] القعد الفريد 116 - 5.