بازگشت

لماذا استمال معاوية مجتمع الشام و أعده لتنفيذ مشاريعه؟


و لابد لنا من التأكيد علي نقطة مهمة، عند الحديث عن خصائص المجتمع الاسلامي في عهد معاوية الذي افتتح به العهد الأموي الرسمي المعلن و الطويل نسبيا - اذ أن الأمويين بدأوا عهدهم، أو خططوا لذلك منذ عهد عثمان و لم يكونوا بعيدين عن السلطة كما رأينا - و هي: تركيز معاوية علي مجتمع الشام بشكل استثنائي - كمجتمع صفوة خاص به - بحكم علاقته الوثيقة به قبل استلامه الحكم (كخليفة)، و تربيته علي القيم و التصورات الخاصة التي أراد أن يحملها هذا المجتمع، ليكون مركزا لضخها و نقلها فيها بعد الي بقية المجتمعات الاسلامية في أقطار الاسلام الأخري كقيم و تصورات أصيلة متبناة من قبل القيادة (الاسلامية) للدولة نفسها و التمثلة بمعاوية نفسه.

لقد نجح معاوية في توجيه المجتمع الشامي - و هو ليس مجتمعا صغيرا، بل يحتل مساحة كبيرة في خارطة العالم الاسلامي آنذاك - كما أراد و خطط بالضبط، لسبب بسيط واضح، و هو أن هذا المجتمع قد عرف الاسلام من خلاله و من خلال أخيه يزيد الذي كان عاملا علي الشام قبله و بعد مركز الخلافة النسبي عن الشام، و قرب هذه الأخيرة من مركز الامبراطورية البيزنطية و خضوعها لها أمدا طويلا.