بازگشت

لماذا تقلب صفحات التاريخ


قد يقول قائل: و لماذا تقليب صفحات التاريخ (القديمة) و تقليب (المواجع) معها..؟ و نجيب: اننا ما دمنا نستعرض مسألة تاريخية مهمة، فاننا لابد أن نستعرض مسبباتها و ألاحداث المتعلقة بها. و هكذا فاننا لن نستطيع دراسة المجتمع في العصر الأموي بمعزل عن دراستنا للأحداث التي أدت الي أن يكون هذا المجتمع كما كان عليه، و لن نستطيع أن ندرس معاوية و يزيد بمعزل عمن سبقهما و الظروف التي جاءت بهما الي كرسي الخلافة و الحكم.

و من الطبيعي أننا لابد أن نتعرض لمسألة الخلافة منذ البداية. و مع أننا أكدنا في الفصل الأول أن هذه المسألة قد حسمت و بت بشأنها و أنها الآن لم تعد تشكل الا أحد فصول الماضي، الا أننا يجب أن نعرف هذا الفعل و أحداثه و ملابساته ليتسني لنا توخي الدقة التاريخية و الموضوعية عند البحث بأمثال هذا الأمر، لأن الكثير من تصرفاتنا و علاقاتنا مع بعضنا و حتي فهمنا للاسلام و الحكم و الخلافة و غيرها مرهون بتلك المسألة و ذيولها لحد الآن و منها المسألة الطائفية و المذهبية المفتعلة و المبتكرة لتخريب الاسلام من الداخل، فليس عرض هذه المسألة هنا مما يقصد به اثارة الخلاف بأكثر مما يقصد به عرض الحقائق التاريخية و حسب، تلك الحقائق التي يغمض الكثيرون أعينهم عنها بحجة عدم جواز التعرض للشخصيات (المقدسة) بالنقد و بحجة عدم اثارة الضغائن و العداوات، فاذا ما أثيرت بهذا القصد فنحن مع هؤلاء لا نود فتح المزيد من جبهات الحرب و الخصومة مع بعضنا، غير أننا جميعا - و لابد أن هدفنا واحد - و هو معرفة الحقيقة و السير وفقها - تواقون لذلك، و ان كانت الحقيقة مرة أو قاسية.