بازگشت

الولد للفراش و للعاهر الحجر.. قانون اسلامي مجمد


و هكذا تم الاتفاق و التمهيد لسقوط آخر، لا يقل عن سقوط (سمية) نفسها و مهد معاوية للأمر، و أحضر شهودا قالوا ان أباسفيان قال ان زيادا كان ابنه، و قد عززت الشهادات بشهادة أبي مريم السلولي الذي أعلن في مجلس عام أنه جمع بين أبي سفيان و سمية أم زياد علي زنا، و هل شهادة أبلغ من شهادة أبي مريم في هذا المجال...؟! (و كانت سمية من ذوات الرايات بالطائف، تؤدي الضريبة الي الحارث بن كلدة، و كانت تنزل بالموضع الذي تنزل فيه البغايا بالطائف خارجا عن الحضر في محلة يقال لها حارة البغايا) [1] .

و تروي كتب التاريخ القصة و تتوسع فيها و يتندر المؤرخون المسلمون و يعجبون، و يرون في عمل معاوية و زياد خروجا صريحا عن الاسلام، فقد (كان استلحاقه أول ما ردت به أحكام الشريعة علانية، فان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قضي بالولد للفراش و للعاهر الحجر) [2] .


و من المعلوم أن معاوية قد استلحق زيادا (و شهد له الشهود بذلك، و هذا خلاف حكم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في قوله «الولد للفراش و للعاهر الحجر) [3] .

و قد روي عن الحسن البصري (أنه كان ينقم علي معاوية أربعة أشياء: قتاله عليا، و قتله حجر بن عدي، و استلحاقه زياد بن أبيه، و مبايعته ليزيد ابنه) [4] .

لقد كانت الأشياء الأربعة التي نقمها الحسن البصري تمثل قمة الخروج السافر و الانحراف عن الاسلام، و لم تكن الأمور الوحيدة التي فعلها معاوية في حياته، التي كانت سلسلة من الخروج المتعمد عن الاسلام، و لم تكن من الأمور، التي يمكن السكوت عنها بأي حال من الأحوال، و مع ذلك يأتي من يقول ان معاوية تأول فاخطأ، و كأن الأمور التي أقدم عليها كانت (اجتهادا) في مسألة بسيطة تتعلق بأمور (مستحبة) أو مكروهة، و أن خطأه لم ينتج عنه تحطيم الأمة و دمارها و فقدانها عزتها كأمة اسلامية الي يومنا هذا، و أن معاوية لم يخطط (لخطئه) و لم يسهر الليالي و يعد الجيوش لأغراضه و مطامعه، و كأنه لم يعمل ما عمله عن سبق تصميم و اصرار.!.

و لعل تقادم الزمن علي ذلك العهد، و الخروقات السافرة التي ألفنا أن نراها أمامنا في زماننا هذا، جعلنا لا نري في عمل معاوية الا أمرا مقبولا، و أنه ليس خروجا سافرا كبيرا عن الاسلام الذي ألفنا أن نراه بصورة مشوهة أيضا، واعتدنا أن نري خروجا أكثر صراحة عن الامام و قد اتسعت زاوية الانحراف عما كان عليه حتي في زمن معاوية نفسه.

غير أننا اذا ما علمنا أن هذا الرجل الذي حكم باسم الاسلام، و نصب من نفسه قيما علي الشريعة، هو نفسه الذي أقدم علي انتهاك هذه الشريعة بذلك النوع من الاصرار و المثابرة اللذين عمد اليهما، أدركنا عظم الجريمة التي أقدم عليها.



پاورقي

[1] مروج الذهب 7.

[2] ابن ‏الأثير 301 - 3.

[3] العقد الفريد 248.

[4] مروج الذهب 133 و قد روي الطبري عن الحسن قوله (أربع خصال کن في معاوية لو لم يکن فيه منهن الا واحدة لکانت موبقة: انتزاؤه علي هذه الأمة بالسفهاء حتي ابتزها أمرها بغير مشورة منهم و فيهم بقايا الصحابة و ذوا الفضيلة و استخلافه ابنه بعده سکيرا خميرا، يلبس الحرير و يضرب بالطنابير، و ادعاؤه زيادا و قد قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم «الولد للفراش و للعاهر الحجر و قتله حجرا، و يا له من حجر، مرتين) الطبري 232 - 3.