بازگشت

حيلة رفع المصاحف.. تفتق عنها مكر ابن النابغة


علي أن ما أشعل الفتنة حقا و كان سببا لا نشقاق أتباع الامام عليه السلام و تفرقهم و ظهور الخوارج، و ما أدي الي قتل الامام نفسه في النهاية هي قصة رفع المصاحف بالرماح من قبل أهل الشام، ذلك الأمر الذي تفتق عنه مكر ابن النابغة، و ذلك عندما مالت كفة القتال و أوشك معاوية أن ينهزم بما تبقي له من جند، و أوشك عمرو نفسه أن يقع بيد جند الامام عليه السلام (فلما رأي عمرو بن العاص أن أمر أهل العراق قد اشتد، و خاف في ذلك الهلاك، قال لمعاوية: هل لك في أمر أعرضه عليك، لا يزيدنا اجتماعا، و لا يزيدهم الا فرقه؟ قال: نعم؛ قال: نرفع المصاحف ثم نقول: ما فيها حكم بيننا و بينكم، فان أبي بعضهم أن يقبلها وجدت فيهم من يقول: بلي، ينبغي أن تقبل، فتكون فرقة تقع بينهم و ان قالوا: بلي، نقبل ما فيها، رفعنا هذا القتال عنا و هذه الحرب الي أجل و الي حين) [1] و يبدو أن عمرا استند في توقعاته خلاف أهل العراق


الي ما سبق أن عرفه عن الكثيرين منهم من ميل الي الخلاف و المعارضة و الي الطابور المدسوس في جيش الامام و الذي سبق أن ساوم معاوية و أبدي استعداده لنصرته في اللحظات الحاسمة أمثال الأشعث بن قيس الذي أبدي ترحيبا فائق النظير بهذا الاقتراح و تبناه كأنه الحل الوحيد للمسألة كلها، كما أن جماعة مضللة أخري كانت تأخذ بظاهر الأقوال القرآنية أبت أن تستجيب لتحذير الامام عليه السلام بأن مسألة رفع المصاحف خدعة ينبغي أن لا تنطلي عليهم و كان في مقدمة هؤلاء مسعر بن فدكي التميمي وزيد بن حصين الطائي في عصابة معهما من القراء الذين صاروا خوارج بعد ذلك. و يبدو أن الذين قبلوا رفع المصاحف كانوا أغلبية في جيش الامام عليه السلام و أنهم اضطروه الي ذلك رغم عدم قناعته التامة بذلك و معرفته بخصوصه الذين لم يعيروا في أي وقت من حياتهم أي أهمية لكتاب الله و للاسلام برمته، و قد صرخ فيهم محذرا اياهم من هذه اللعبة الخبيثة: (عباد الله، أمضوا علي حقكم و صدقكم و قتال عدوكم، فان معاوية و عمرو بن العاص و ابن أبي معيط و حبيب بن مسلمة و ابن أبي سرح و الضحاك بن قيس ليسوا بأصحاب دين و لا قرآن، أنا أعرف بهم منكم. قد صحبتهم أطفالا، و صحبتهم رجالا، فكانوا شر أطفال و شر رجال، ويحكم انهم ما رفعوها ثم لا يرفعونها و لا يعلمون بما فيها، و ما رفعوها لكم الا خديعة و دهنا و مكيدة) [2] .


پاورقي

[1] المصدر السابق 101 و ابن ‏الأثير 193 - 192.

[2] المصدر السابق.