بازگشت

نقد الامام لأهل الشام.. استهدف تخليصهم من الورطة الأموية


و لم يكن نقد الامام لأهل الشام لأنهم أهل الشام، بل أراد أن يوضح بذلك أنهم


كانوا نتاجا أمويا متأثرا بمعاوية و لمساته و صبغته الشيطانية، و قد أراد الامام كشف واقعهم أمام الأمة و أمامهم هم، كما أنه عمل بنفس الوقت علي تعرية معاوية و بعض أتباعه (الكبار) أمثال عمرو بن العاص و مروان، لكي يظهروا بصورتهم الحقيقية أمام الأمة كلها و منهم أهل الشام المخدوعين به و المنقادين وراءه انقيادا أعمي.

و قد اتجه الامام اتجاها ايجابيا عندما أوضح خطة معاوية لخداع أهل الشام و لم يكن ينطلق من عداء خاص لهم و انما كان يتجه لتخليصهم من الورطة التي أوقعهم فيها معاوية... انه كان يذوب أسفا علي حالهم المتردية و هم يخرضون خلف معاوية في الباطل، و كان يأمل أن يخلصهم من تلك الحال و يذهب الي حد المطالبة بالدعاء لهم عسي أن يفيقوا من ضلالتهم و يتراجعوا عن خطئهم، لذلك نراه عليه السلام يمنع قوما من أصحابه سمعهم يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين، لأنه يدرك أن اللجوء الي أسلوب السب، أسلوب سلبي يعمل علي توسيع الشقة بين المسلمين، و أنه سيقابل بأسلوب مماثل من الطرف الآخر، مما سيكون من شأن ذلك أن يجعل من (المعركة) معركة شخصية و ليست معركة من أجل الاسلام (اني أكره لكم أن تكونوا سبابين، و لكنكم لو وصفتم أعمالهم، و ذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، و أبلغ في العذر، و قلتم مكان سبكم أياهم: اللهم أحقن دماءنا و دماءهم، و أصفح ذات بيننا و بينهم، واهدهم من ضلالتهم، حتي يعرف الحق من جهله، و يرعوي عن الغي و العدوان من لهج به) [1] .

ان وصف أعمالهم سكون في مقدمة الأعمال الايجابية التي تجعلهم يدركون كما تدرك الناس كلها الأخطاء التي وقعوا فيها، و سيكون من شأن ذلك ان يقوم بعضهم علي الأقل في البداية علي تصحيح ذلك الأخطاء و تجاوزها. و بذلك فانهم سيتخلصون من الورطة التي وقعوا فيها بدلا من الذهاب في الخطأ الي النهاية، و هي مهمة أخذ الامام عليه السلام علي عاتقه القيام بها، فأهل الشام جزء من الأمة و صلاحهم نصر للأمة كلها، و اندفاعهم في طريق الشر الذي رسمه معاوية لهم خسارة للجميع بما فيهم أهل الشام أنفسهم كما أن من شأن ذلك أن يظهر أهل الشام علي حقيقتهم أمام الأمة. و قد فعلت حملة الامام الاعلامية عملها في نفوس المسلمين و أدركوا الي أي حد كان أهل الشام منساقين وراء أباطيل معاوية و ضلاله و كان نتيجة ذلك أن (أمير


المؤمنين علي قد بايعه أربعون ألفا من عسكره علي الموت لما ظهر ما كان يخبرهم به عن أهل الشام. فبينما هو يتجهز للمسير قتل عليه السلام) [2] .


پاورقي

[1] نهج‏ البلاغة ص 323.

[2] ابن الأثير 271 - 3.