بازگشت

هل هو انحراف واحد... حتي نغض النظر عنه


و هل نتكلم عن خطأ معاوية بمثل هذه البساطة التي يتكلم بها أناس واعون مثل ابن كثير و ابن خلدون و محمد قطب و غيرهم، و هل يحسب أحد أن القضية ستسد الي النهاية بمثل هذه التبريرات و التلقيات، و لماذا يتحمل هؤلاء وزر معاوية مع أنه كان (الرابح) الوحيد بالحسابات الأرضية البحتة..؟.

ثم: لماذا نؤكد علي الانحرافات الثلاثة فقط لا غير، و التي وقعت من بني أمية، و نلقي اللوم بالانحرافات الرابع، و هو الترف علي العباسيين، و ننسي الترف و البذخ و البطالة و الفساد التي أخذ الأمويون أنفسهم بها؟ و أرسوا قاعدة الانحرافات أكبر في هذا المجال... ألم يقل معاوية عن نفسه (... لم يكن في الشباب شي ء الا


كان مني فيه مستمتع) [1] فكيف فعل أيام ملكه أو (خلافته)؟ أليس هو القائل (الأرض لله و أنا خليفة الله، فما آخذ من مال الله فهو لي و ما تركت منه كان جائزا لي) [2] .

ألم يخلف عمرو بن العاص ثلاثمائة ألف دينار و خمسة و عشرين ألف دينار و من الورق ألف ألف درهم و غلة مائتي ألف دينار بمصر و ضيعته المعروفة بالوهط قيمتها عشرة آلاف ألف درهم [3] .

ألم يكن يزيد بن معاوية (صاحب طرب و جوارح و كلاب و قرود و فهود و منادمة علي الشراب و غلب علي أصحاب يزيد و عماله ما كان يفعله من الفسوق، و في أيامه ظهر الغناء بمكة و المدينة و استعملت الملاهي و أظهر الناس شرب الشراب)؟ [4] .

ألم تصل الي أسماع مؤرخنا الجليل أخبار يزيد بن عبدالملك و لهوه و اقباله علي الشراب و الغناء و الجواري؟ ألم تصله أخبار هشام الذي اجتمع له من خليه و خيل غيره أربعة آلاف فرس و لم يعرف ذلك في جاهلية و لا اسلام..؟ [5] و الوليد بن يزيد (الذي كان أول من حمل المغنين من البلدان و جالس الملهين و أظهر الشراب و الملاهي و العزف، و غلبت عليه شهوة الغناء و علي الخاص و العام و اتخذ القيان و كان ماجنا خليعا...) [6] .

ألم يلحد هذا (الخليفة) في شعر له ذكر فيه النبي صلي الله عليه و آله و سلم بسوء و قال فيه ان الوحي لم يأته عن ربه كذلك أخزاه الله من ذلك الشعر... فلم يمهل بعد قوله هذا أياما حتي قتل [7] ؟ و بعد هذه الأمثلة اليسيرة، هل نستطيع أن نقول ان انحرافات الترف لم تكن موجودة في العصر الأموي كما يقول كاتبنا الكبير محمد قطب، أم تري أن هذه الأخبار و غيرها هي من موضوعات الشيعة و الحاقدين علي النظام الأموي؟



پاورقي

[1] العقد الفريد 105 - 5.

[2] مروج الذهب 53 - 3.

[3] المصدر السابق ص 29.

[4] نفس المصدر ص 83.

[5] نفس المصدر ص 249.

[6] نفس المصدر ص 259.

[7] نفس المصدر 263.