بازگشت

انحرافات أم خروج متعمد عن الاسلام


ان هذه الملاحظات الذكية من الكاتب الاسلامي الكبير،، ما كان لها أن تشير بهذه الصورة من الحذر و الحياء الكبير الي (الفتنة)، التي لم تكن مجرد فتنة، بل كانت مؤامرة و خروجا متعمدا عن الاسلام، و هذا الخروج الفتنة، ان وجد من يصوره في عصور لاحقة علي أنه أمر بسيط لا يرقي الي مستوي الانتهاكات التي درج عليها العباسيون و غيرهم فيما بعد، هو أكبر عصا وضعت في عجلة الاسلام، و لما تكد تدرج علي الطريق و هو أكبر انتهاك خطير لحدود الاسلام و قواعده الأساسية، و ليس علينا أن نمر به مرورا عابرا سريعا، ثم نقول - لتسوية المسألة و كأنها أمر خلافات شخصية بحتة بين بعض الاخوان علي أمور مالية أو اجرائية بسيطة، ثم نقول بعد ذلك، كما قال أحدهم، كما روي: (الخلفاء أبوبكر و عمر و عثمان و علي. فقيل له: فمعاوية؟ قال: لم يكن أحد أحق بالخلافة في زمن علي من علي و رحم الله معاوية) [1] و لا ندري كيف نفسر هذه المعادلة المعقدة، هل الأمر أمر غلبة طفل صغير علي مثيل له في لعبة للأطفال؟ ثم نقول لمن يريد مناقضة هذه القضية و ملاحظة جوانبها (لسد القضية برمتها)، و رحم الله معاوية، و كأن الايعاز بالرحمة هو بأيدينا نستنز لها بهذه البساطة علي من نحب، و كأننا لا نعرف مقاييسه العادلة - سبحانه و تعالي - و كأنه لا يمسك بيده القوية ميزان العدل الدقيق فيحاسب من يخرقون هذا الدين متعمدين مصرين، فهل هذا الدين المحكم القوي و الخاتم للأديان كلها و خلاصتها، هذا الدين الذي أنزل تاما قويما من قبل الله تعالي، هو مهزلة من مهازلنا البشرية المضحكة حتي نتصدي لقضاياه بهذا الاهمال الواضح، و يقبل تفسيراتنا الطفولية الساذجة و مغالطاتنا اللفظية و تورياتنا الجناسية و الطباقية...؟ (روي ابن عساكر عن أبي زرعة الرازي، أنه قال له رجل: اني أبغض معاوية. فقال له: و لم؟ قال: لأنه قاتل عليا. فقال له أبوزرعة: ويحك، ان رب معاوية، رب رحيم، و خصم معاوية خصم كريم، فأيش دخولك أنت بينهما؟ رضي الله عنهما) [2] و اذا نظرنا الي الأمور بعيني أبي زرعة و اضرابه، و رحنا ننظر الي الخصام بين علي عليه السلام و معاوية، و كأنه خصام شخصي بحت لا يتعلق بدين الله، و لا يتعلق بذلك الأمر الخطير الذي


أثر تأثيرا حاسما علي مصير الأمة الاسلامية، و اذا كانت مثل هذه الانتهاكات يراها المرء سهلة مستساغة يمكن علاجها و تلافي نتائجها، و هي التي سنت الانحراف عن الاسلام و قتل آلاف من الناس، و قلب منهج الحكم الاسلامي من أساسه، فأي الأمور هي العصبة التي لا تغتفر؟ و ما ذنب الأمة الاسلامية علي مر العصور ان انتهكت حرمة أجيالها، و انحرف بها الظالمون منذ البداية هذا الانحراف الخطير؟ ثم يروح قوم لطفاء حريصون علي وحدة الأمة (يحسمون) المسألة برمتها ببساطة متناهية، و كأنها لا تمس مصير المسلمين من قريب و لا من بعيد، مخترعين حديثا ملفقا، أو محرفين حديثا أو مؤولين آية أو حديثا آخر، و تطوي المسألة بكلمة لطيفة أو مذكرة تلقي فيها تبعة الحادث البسيط! علي مجهول (لا يمكن امساكه أو العثور عليه بسهولة) كعبد الله بن سبأ، تلك الشخصية الخرافية المجهولة.. كما يحصل في دوائر الشرطة التي تعجز عن كشف الجاني أو تخشي سطوته و نفوذه، أو تنفح بمال سخي يدفع لكبار أفرادها، لتسجل أن الحادث غير معتمد، و في أسوأ الحالات يحكم علي المتهم مع وقف التنفيذ، اذا خرج الأمر من يد الشرطة و أصبح بيد المحاكم...!


پاورقي

[1] البداية و النهاية 132 - 8.

[2] المصدر السابق 133 - 8.