بازگشت

السلطان أولا الملك عقيم لا رحم له


كانت التصريحات المتكررة من معاوية و عبدالملك و المنصور و الرشيد و الأمين و غيرهم، تدل علي أنهم لا يرون أمامهم غير سلطان الملك و بريق السلطة القاهر.

فقد قال معاوية مخاطبا أهل الكوفة بعد صلح الامام الحسن عليه السلام: (ما قاتلتكم لتصوموا و لا لتصلوا و لا لتحجوا و لا لتزكوا، و قد عرفت أنكم تفعلون ذلك، و لكن انما قاتلتكم لأتأمر عليكم، فقد أعطاني الله ذلك و أنتم كارهون) [1] .

و قال معاوية لأهل المدينة (.. ان أبابكر رضي الله عنه لم يرد الدنيا و لم ترده، و أما عمر فأرادته الدنيا و لم يردها، و أما عثمان فنال منها و نالت منه، و أما أنا فمالت بي و ملت بها و أنا ألينها فهي أمي و أنا ابنها، فان لم تجدوني خيركم فأنا خير لكم) [2] .

و قال مروان بن الحكم، و قد خرج الناس خلال الأحداث التي سبقت مقتل


عثمان (شاهت الوجوه الي من أريد. جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا. اخرجوا عنا) [3] .

و قال معاوية (.. اني لا أحول بين الناسو بين ألسنتهم ما لم يحولوا بيننا و بين ملكنا) [4] و قال المنصور (.. ان من نازعنا عروة هذا القميص أو طأناه ما في هذا الغمد) [5] .

و قال الأمين (.. الملك عقيم لا رحم له..) [6] .

و بين أيدينا عشرات النصوص الأخري التي تؤكد علي توجههم هذا الاتجاه. تعتمد الارهاب و الاستئثار بالأموال و المناصب، كانوا يرون أن الأسلوب الأموي هو الأسلوب الأمثل الذي يتيح لهم الحفاظ علي سلطانهم، و أنه أسلوب ناجح جيد، لو لا الأخطاء التي يقع فيها من يأتي من المتأخرين، من الأبناء المدللين المترفين، و أن هؤلاء لو ساروا علي نهج أسلافهم لكانوا قد نجحوا في الحفاظ علي الملك أطول مدة ممكنة. و قد دلت تصريحات (المنصور) العباسي علي تحبيذه و تبنيه السياسة الأموية جملة و تفصيلا... (و لم تزل بنو أمية ضابطين لما مهد لهم من السلطان، يحوطونه، و يحفظونه و يصونون ما وهب الله لهم منه، مع كسبهم معالي الأمور، و رفضهم أداينها، حتي أفضي الأمر الي أبنائهم المترفين، فكانت همتهم قصد الشهوات، مع اطراحهم صيانة الخلافة و استخفافهم بحق الله و حق الرياسة و ضعفهم عن السياسة، فسلبهم الله العز و ألبسهم الذل و نفي عنهم النعمة) [7] . فالمنصور لا يأخذ هنا علي معاوية أو يزيد أو عبدالملك أو هشام تصرفات غير مسؤولة، بل يعتبر سياستهم غير نموذجية و ان السبب في ذهاب ملكهم عجز أبنائهم عن مجاراتهم في تلك السياسة...!.

ان الأسلوب الأموي في السياسة و الحكم، أصبح مألوفا من قبل جماهير المسلمين التي عاشت في ظل السلطة الأموية قرابة ثمانين عاما ثم عاشت امتدادات


حكم مشابه خلال العهد العباسي، حتي أنست أساسيات الدين و المحتوي الصحيح للخلافة و الحكم، و لم تعد تري الا ما يراه الحاكمون المتسلطون. و بدت الانحرافات العباسية التي هي امتداد للانحرافات الأموية، و كأنها هي الأسلوب الأمثل الذي ينبغي أن ينتهج، و أضيف اليها التطرف الشديد في حياة البذخ و الترف الزائد الذي كان موجودا فعلا في عهد الأمويين، و التطرف الأشد في قمع المعارضين.


پاورقي

[1] البداية و النهاية 134 - 8.

[2] العقد الفريد 113 - 5.

[3] الکامل في التاريخ 56 - 3.

[4] المصدر السابق ص 374.

[5] مروج الذهب 358.

[6] مروج الذهب 502 - 3.

[7] المصدر السابق ص 347.