بازگشت

الامويون استفادوا من دائرة عبد مناف و العباسيون من دائرة بني هاشم


و كما حاول بنو أمية أن يبينوا أن الخلافة حق متداول بين بني عبد مناف و تركة لهم دون غيرهم، حاول بنو العباس أن يبينوا أنها حق موروث لبني هاشم، حتي يدخلوا في دائرة المستحقين لهذه (التركة)، مع أنها دائرة أضيق من الدائرة الأموية. و قد نسي هؤلاء جميعا، أو تناسوا أنهم انما يستغلون المنصب الذي تركه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لا ميراثا شخصيا لكسب المغانم الشخصية و انما كمسؤولية يحملها أشخاص معدون اعدادا خاصا من قبله هو و يحملون مواصفات خاصة عمل علي أن تكون فيهم من خلال دورة تربوية طويلة استغرقت فترة طويلة من حياة أولهم أميرالمؤمنين عليه السلام ثم استغرقت حياتهم كلها فيما بعد... ليكملوا مسيرته و شوطه الطويل في قيادة الأمة، و لا علاقة هنا لعبد مناف أو عبد شمس أو أبوسفيان أو معاوية و حتي العباس، الا بمقدار التزام من أدرك الاسلام بتعاليمه، و قد عرفنا مكانة كل منهم، و عرفنا مكانة


العباس الكريمة لدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ولدي علي عليه السلام نفسه، و لم يبلغ الأمر به درجة يدعي فيها الأمر لنفسه.. كان يعرف حدوده و منزلته و يعلم أن عليا هو من ينبغي أن يكون خليفة لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، يكمل مشواره الطويل الذي أراده صلي الله عليه و آله و سلم لخلفائه من بعده أن يكلموه، و كما عرف العباس ذلك، عرفه أبوسفيان أيضا و معاوية أيضا، و يبدو أن مطامع معاوية بدأت منذ عهد عثمان، فلا شك أن معاوية لم ير لعثمان عليه امتيازا في أية ناحية أو أي جانب، و ربما رأي نفسه متفوقا عليه في بعض الجوانب مثل شؤون السياسة و الحكم و الدهاء، مع أنه يعلم أنه طليق ابن طليق، و أن أباه و هو من بعده قد كرسا حياتهما لحرب الله و رسوله و دينه.

اننا نلمس في كلمة المنصور، نفس معاوية القديم، مع تغيير بعض الحجج و المبررات. و قد وردت بعض ادعاءات الأمويين القديمة بشأن الشرف القديم الموروث و القرابة القريبة من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

ان حجة العباسيين هنا لاستبعاد آل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم عن الخلافة هي: أنهم لم ينجحوا في تلك الخلافة التي صارت اليهم في وقت ما ثم خرجت من أيديهم، و كان عليهم أن يحتفظوا بها بمختلف الأساليب، حتي و لو لجأوا الي الحيل و الأساليب الملتوية، متناسين القوي الشرية الطامعة التي وقفت في وجوههم، بل في وجه الاسلام و مسيرته المستقيمة التي كانت تعد بالقضاء علي مصالحهم و امتيازاتهم و نعرات الجاهلية، و كل النزعات الأرضية المتخلفة التي لا تليق بالانسان الذي أكرمه الله، عندما خلقه و نفخ فيه من روحه و جعله خليفته علي الأرض.

لقد فخروا و تاهوا بقرابتهم المجردة من الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، لو كان أبوجهل معهم أو أبولهب، لفخرا فخرهم و تاها علي الناس بنسبهم القرشي، و حاولا استثمار هذه القرابة لمصلحتهما كما فعلوا. أما الاسلام فبقي غريبا، لا شأن له هنا و لا أحد يعلم عنه شيئا الا بالمقدار الذي يستفيدون منه لتزيين عروشهم، و اضفاء غطاء الشرعية عليها.