بازگشت

الحكم العباسي اكمال لمشوار الحكم الأموي


و كان (لابد) لبني العباس، الذين أكملوا المشوار الأموي، أن يعلموا علي التقليل من شأن علي و آله عليهم السلام و يشوهوا سمعتهم و يبينوا (ضعفهم في أمور السياسة و الحياة) و أنهم متكافئون معهم في كل المؤهلات الأخري من النسب و الجاه و الشرف، و ذلك في محاولة لكسب الناس الي صفوفهم، و استعملوا شتي الأساليب في سبيل هذا الغرض، و ربما كانت الأساليب العباسية جعلت الأساليب الأموية تبدو (متحفظة) و خفيفة بعض الشي ء، فانطلقوا دون هوادة لمطاردة آل البيت و شيعتهم، و كان الأئمة عليهم السلام دون استثناء، قد استهدفوا لهذه الحملة العباسية الشرسة، حيث قتلوا مسمومين، و أدخل بعضهم السجون، و فرضت علي بعضهم الاقامة الجبرية في بيوتهم مع تشديد الرقابة عليهم. و لعل من المناسب هنا أن نستعرض كلمة المنصور العباسي في جماعة من أتباعه و مريديه من أهل خراسان، بعد أن أخذ عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام و اخوته و النفر الذين معه: (... أنتم شيعتنا و أنصارنا و أهل دعوتنا، و لو بايعتم غيرنا لم تبايعوا خيرا منا...! ان ولد ابن أبي طالب تركناهم، و الذي لا اله الا هو، و الخلافة، فلم نعرض لهم الا بقليل و لا بكثير.... فقام فيها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فما أفلح، و حكم الحكمين، فاختلفت عليه الأمة، و افترقت الكلمة، ثم وثب عليه شيعته، حتي مات


علي فراشه، ثم قام بعده الحسن بن علي رضي الله عنه، فو الله ما كان برجل عرضت عليه الأموال فقبلها، و دس اليه معاوية اني أجعلك ولي عهدي. فخلعه، و انسلخ له مما كان فيه و سلمه اليه... ثم قام من بعده الحسين بن علي رضي الله عنه، فخدعه أهل العراق و أهل الكوفة، أهل الشقاق و النفاق و الأغراق في الفتن، أهل هذه المدرة السوء (و أشار الي الكوفة)، فوالله ما هي لي بحرب فأحاربها و لا هي بسلم فاسالمها، فرق الله بيني و بينها، فخذلوه، و أبرأوا أنفسهم منه، فأسلموه حتي قتلوه.. ثم وثب بنو أمية علينا، فابتزونا شرفنا، و أذهبوا عزنا... و الله ما كان لهم برة يطلبونها، و ما كان ذلك كله فيهم، و بسبب خروجهم، فنفونا عن البلاد فنصرنا مرة بالطائف، و مرة بالشام و مرة بالسراة، حتي ابتعثكم الله شيعة لنا و أنصارا فأحيا الله شرفنا و عزنا بكم يا أهل خراسان، و دفع بحقكم أهل الباطل، و أظهر لنا حقنا، و أصار الينا أمرنا و ميراث نبينا صلي الله عليه و آله و سلم فقر الحق في قراره، و أظهر الله مناره، و أعز أنصاره (فقطع دابر القوم الذين ظلموا و الحمد لله رب العالمين) [1] ، فلما استقرت الأمور فينا علي قرارها من فضل الله، و حكمه العدل، و ثبوا علينا حسدا منهم لنا و بغيا علينا بما فضلنا الله به عليهم و أكرمنا من خلافته ميراثنا من بنيه و جبنا من بني أمية و جراءة علينا..) [2] .


پاورقي

[1] الأنعام: 45.

[2] مروج الذهب 368 - 366 - 3.