بازگشت

ابوموسي و عمرو بن العاص و جهان لعملة واحدة تبادل أدوار


و يبدو أن ضمير أبي موسي الأشعري قد استجاب للمبررات التي أوجدها له عمرو بن العاص، حين قال له و هما مجتمعان للتحكيم في احدي الجلسات (... فما يمنعك منه (معاوية) و بيته في قريش كما قد علمت؟ فان خفت أن يقول الناس ليست له سابقة، فقل وجدته ولي عثمان الخليفة المظلوم و الطالب بدمه، الحسن السياسة و التدبير، و هو أخو أم حبيبة زوج رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و كاتبه، و قد صحبه و عرض له بسلطان) [1] .

ثم يأتي بعد ذلك من يروي (... ان أصحاب الرسول كالنجوم، بأيهم اهتديتم اقتديتم) [2] و يضع قصصا طريفة بشأن معاوية كالقصة التي تروي عن المعاض بن عمروان فقد سئل: (أيهما أفضل، معاوية أم عمر بن عبدالعزيز؟ فغضب، و قال للسائل: أتجعل رجلا من الصحابة مثل رجل من التابعين؟ معاوية صاحبه و صهره و كاتبه و أمينه علي و حي الله، و قد قال عليه السلام: دعوا لي أصحابي و أصهاري، فمن سبهم فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين) [3] ، لنلاحظ كلمة (أصهاري) اللطيفة التي وردت في هذا الحديث الموضوع المدسوس، و ما يكمن خلفها من ايحاءات مضللة.

هل من وجه للمقارنة بين علي و معاوية، ليأتي من يأتي و يقول مرددا أقوال معاوية نفسها، بأن الخلاف بين طائفتين من المسلمين، كلتاهما علي حق، و أنه لم تبغ احداهما علي الأخري، و أن الجميع كالنجوم الزاهرة، معصومون عن الخطأ و الانحراف، و لو أن من يردد هذه الأقوال من البسطاء أو السذج لهان الأمر، لكن من يرددها أناس لا يقلون ذكاء و حيلة حتي عن معاوية نفسه أو عمرو بن العاص، لكن الخط واحد و المصالح واحدة و ايحاءات الشيطان و ضلاله لها نفس القوة علي الجميع، و الا فلماذا يتناسي هؤلاء الأذكياء الحريصون (الذين تهمهم وحدة


المسلمين بالدرجة الأولي) حديث الرسول صلي الله عليه و آله و سلم لعمار: بأن الفئة التي ستقتله هي الفئة الباغية، و قد قتلته الفئة التي انقادت لمعاوية و عمرو بن العاص..؟.


پاورقي

[1] نفس المصدر ص 207.

[2] البداية و النهاية 142 - 8.

[3] المصدر السابق.