بازگشت

حان وقت الافادة من أهل الشام بعد أن رباهم علي طاعته و الاعتقاد به


و هكذا سار معاوية بأهل الشام، بعد أن أثارهم و حرضهم، و بمن استمالهم


و الذين هم أساسا من أعداء الامام و مناوئيه، الي صفيه لمحاربته و قد (خرج معاوية الي علي يوم صفين و لم يبايعه أهل الشام بالخلافة، و انما بايعوه علي نصرة عثمان و الطلب بدمه، فلما كان من أمر الحكمين ما كان بايعوه بالخلافة) [1] .

و قبيل المعركة، استعرض الامام المسألة استعراضا دقيقا منذ مقتل عثمان، و حتي خروج معاوية و عمرو بن العاص عليه (... و ولي الناس عثمان فعمل بأشياء عابها الناس، فساروا اليه فقتلوه. ثم أتاني الناس فقالوا لي بايع فأبيت فقالوا بايع فان الأمة لا ترضي الا بك و انا نخاف ان لم تفعل أن يتفرق الناس، فبايعتهم، فلم يرعني الا شقاق رجلين قد بايعاني و خلاف معاوية الذي لم يحصل له سابقة في الدين و لا سلف صدق في الاسلام، طليق ابن طليق، حزب من الأحزاب، لم يزل حربا لله و رسوله هو و أبوه حتي دخلا في الاسلام كارهين. و لا عجب الا من اختلافكم معه و انقيادكم له، و تتركون آل بيت نبيكم الذين لا ينبغي لكم شقاقهم و لا خلافهم. ألا اني أدعوكم الي كتاب الله و سنة نبيه، و اماتة الباطل و احياء الحق و معالم الدين.. لا يكن هؤلاء في الجد في ضلالهم أجد منكم في الجد في حقكم و طاعة ربكم..) [2] .

فهل كان القصد من المناداة للأخذ بثأر عثمان، سوي التمهيد للوثوب الي كرسي السلطة و البقاء فيه الي الأبد، تلك السلطة التي أباحوا لأنفسهم فيها ما لم يبحه لهم الاسلام و ما لم يبحه لغيرهم أيضا، و لقد كان من الأمور التي تدعو الي السخرية و تثبط العزائم، أن آخر من دخلوا في الاسلام، تصدروا المسلمين في النهاية، و أصبحوا الممثلين لهم و الناطقين باسمهم و القيمين عليهم.

و قد أوجز الصحابي الجليل عمار بن ياسر، الذي أخبره رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه ستقتله الفئة الباغية، و قد قتله أصحاب معاوية في حرب صفين فعلا، أوجز السر في تهالك معاوية و عمرو بن العاص و أضرابهما علي المطالبة بدم عثمان و التباكي عليه، و تجريد السيوف علي الامام بهذه الحجة الظالمة التي كانوا يعلمون بطلانها و زورها هم أكثر من غيرهم.. فقد قال عمار في واقعة صفين هذه التي قتل فيها شهيدا (... و الله ما قصدهم الأخذ بدمه و لا الأخذ بثأره، و لكن القوم ذاقوا الدنيا و استحلوها و استمروا الآخرة فقلوها، و علموا أن الحق اذا لزمهم حال بينهم و بين ما يتمرغون فيه


من دنياهم و شهواتهم. و لم يكن للقوم سابقة في الاسلام يستحقون بها طاعة الناس لهم و لا الولاية عليهم، و لا تمكنت من قلوبهم خشية الله التي تمنع من تمكنت من قلبه عن نيل الشهوات و تعلقه عن ارادة الدنيا و طلب العلو فيها، و تحمله علي اتباع الحق و الميل الي أهله، فخدعوا أتباعهم بقولهم: امامنا قتل مظلوما، ليكونوا ذلك جبابرة ملوكا، و تلك مكيدة بلغوا بها ما ترون. و لو لا ذلك ما تبعهم من الناس رجلا و لكانوا أذل، و لكن قول الباطل له حلاوة في اسماع الغافلين، فسيروا الي الله سيرا جميلا...) [3] .


پاورقي

[1] العقد الفريد 80 - 5.

[2] الکامل في التاريخ 174 - 3.

[3] البداية و النهاية ج 7 ص 278.