بازگشت

لا حياة لمعاوية مع علي فليعلن الحرب عليه اذن


و قد كان يعلم - كما قلنا - أن الامام لن يستجيب له، و اذا فانه أوجد المبرر و العذر الذي يخرج به علي الامام، هذا المبرر الذي ما كان يتاح له لو أن عثمان لم يقتل و مات حتف أنفه، و هكذا حشد جيوشه لمقاتلة الامام بعد أن حسب أنه قد وفق بتبريراته و استطاع اقناع اهل الشام (بالحرب المقدسة) لخوضها ضد الامام عليه السلام (... لما قدم رسول علي الي معاوية، يدعوه الي بيعته، ماطله و استنظره، و استشار عمرا، فأشار عليه أن يجمع أهل الشام، و يلزم عليا دم عثمان و يقاتله بهم، ففعل معاوية ذلك، و كان أهل الشام لما قدم عليهم النعمان بن بشير بقميص عثمان الذي قتل فيه مخضوبا بالدم بأصابع زوجته نائلة.. وضع معاوية القميص علي المنبر،


و جمع الأخبار اليه، فبكوا علي القميص مدة و هو علي المنبر و الأصابع معلقة فيه، و أقسم رجال من أهل الشام أن لا يمسهم الماء الا للغسل من الجنابة و أن لا يناموا علي الفرش حتي يقتلوا قتلة عثمان و من قام دونهم قتلوه) [1] .

و هكذا كتب معاوية الي الامام عليه السلام هذه الرسالة المتلوية التي تشرح موقفه الأخير و موقف أهل الشام من الامام: (... فلعمري لو بايعك الذين ذكرت، و أنت بري ء من دم عثمان لكنت كأبي بكر و عمر و عثمان، و لكنك أغريت بدم عثمان المهاجرين و خذلت عنه الأنصار، فأطاعك الجاهل و قوي بك الضعيف. و قد أبي أهل الشام قتالك حتي تدفع اليهم قتلة عثمان، فان فعلت كانت شوري بين المسلمين، و انما كان الحجازيون هم الحكام علي الناس و الحق فيهم، فلما فارقوه كان الحكام علي الناس أهل الشام، و لعمري ما حجتك علي أهل الشام كحجتك علي أهل البصرة، لأن أهل البصرة أطاعوك، و لم يطعك أهل الشام، و لا حجتك علي كحجتك علي طلحة و الزبير، لأنهما بايعاك لم أبايعك أنا. فأما فضلك في الاسلام و قرابتك من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فلست أدفعه..) [2] .

و هكذا كشف معاوية عن حقده الدفين علي الامام عليه السلام و تطاول عليه باتهامه الظالم بقتل عثمان، و جعل نفسه مع أهل الشام حكاما علي الناس و الحق فيهم دون سائر المسلمين، و لا ندري كيف كان ذلك؟ كما أنه كشف عن نفسه عندما أعلن تنصله عن كل التزام تجاه الامام، فهو لم يبايعه، و ما دام لم يفعل فليس للامام عليه حجة بزعمه - كما أن أهل الشام ليسوا ملزمين بمبايعته و السير وراءه، بل علي العكس أنهم أعلنوا الحرب عليه رغم فضله في الاسلام و قرابته من رسول الله اللذين كان لهما في نظره أهمية ثانوية، بل لعلهما لا أهمية لهما علي الاطلاق وفق تصوراته البعيدة و الغريبة عن الاسلام.


پاورقي

[1] الکامل في التاريخ 161 - 3.

[2] العقد الفريد 76 - 5.