بازگشت

حجة للخلاف و التمرد


فأما معاوية فاننا سنترك قضيته الآن لنناقشها فيما بعد، و أما طلحة و الزبير، فانهما ما كادا يبايعان الامام، حتي عادا نادمين علي موقفهما الداعلي لعلي عليه السلام، و لم يطل الأمر بهما حتي جاء الي الامام في نفس اليوم الذي بايعاه فيه، و قالا له: (يا علي انا قد اشترطنا اقامة الحدود، و ان هؤلاء القوم قد اشتركوا في قتل هذا الرجل و أحلوا بأنفسهم.. فقال لهم في كلام كثير «ان هذا الأمر أمر جاهلية و ان الناس من هذا الأمر ان حرك علي أمور: فرقة تري ما ترون، و فرقة تري ما لا ترون، و فرقة لا تري هذا و لا هذا حتي تهدأ الناس و تقع القلوب مواقعها، و تؤخذ الحقوق، فاهدأوا عني و انظروا ماذا يأتيكم، ثم عودوا) [1] .

(و اجتمع الي علي بعدما دخل طلحة و الزبير في عدة من الصحابة، فقالوا: يا علي، أنا قد اشترطنا اقامة الحدود، و ان هؤلاء القوم قد اشتركوا في دم هذا الرجل، و أحلوا بأنفسهم. فقال لهم: يا اخوتاه، اني لست أجهل ما تعلمون، و لكني كيف أصنع بقوم يملكوننا و لا نملكهم! ها هم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم، و تابت اليهم أعرابكم، و هم خلالكم يسومونكم ما شاؤوا، فهل ترون موضعا لقدرة علي شي ء مما تريدون؟ قالوا: لا. قال: فلا و الله لا أري الا رأيا ترونه ان شاء الله؛ ان هذا الأمر أمر جاهلية، و ان لهؤلاء القوم مادة...) [2] .

و قد دعاهم عليه السلام للأخذ بثأرهم، فتراجعوا عن ذلك، و عندما خرج طلحة و الزبير من المدينة في فئة من قريش، قال عليه السلام: (ما أنهم لن يدعوا أن يخرجوا يقولون: نطلب بدم عثمان! و الله نعلم أنه قتلة عثمان) [3] .


و قد وجد طلحة و الزبير في عائشة سندا لهما، اذ أنها عندما أخبرت أن الناس قد اجتمعوا علي بيعة علي قالت (ليت هذه انطبقت علي هذه ان تم الأمر... و انصرفت الي مكة و هي تقول: قتل و الله عثمان مظلوما. و الله لأطلبن بدمه»، فقال لها الرجل الذي نقل اليها خبر مقتل عثمان، و هو من أخوالها: «و لم؟ و الله ان أول من أمال حرفه لأنت، و لقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلا فقد كفر. قالت: انهم استتابوه ثم قتلوه، و قد قلت و قالوا. و قولي الأخير خير من قولي الأول» - فانصرفت الي مكة.. فقالت: «أيها الناس ان الغوغاء من أهل الأمصار و أهل المياه، و عبيد أهل المدينة اجتمعوا علي هذا الرجل المقتول ظالما بالأمس و نقموا عليه استعمال من حدثت سنه، و قد استعمل أمثالهم قبله، و مواضع من الحمي حماها لهم، فتابعهم و نزع لهم عنها، فلما لم يجدوا حجة و لا عذرا بادروا بالعدوان فسفكوا الدم الحرام...» و تبعها اعمال عثمان و صنائعه و طلحه و زبير... [4] عازمين الذهاب إلي البصرة لسد المنافذ علي الامام و حربه، و كان بنو أمية في مقدمة الخارجين علي الامام منذ البداية.


پاورقي

[1] الکامل في التاريخ 86 - 85.

[2] تاريخ الطبري 702 - 2.

[3] المصدر السابق 704 - 2.

[4] الکامل في التاريخ 100 - 101.