بازگشت

بيعة في العلن و أمام أنظار جماهير الأمة


و لنلاحظ - اذا ما سلمنا بما ورد هنا تسليما تاما - رفضه مرارا و ترددهم اليه مرارا و اقرارهم بأن لا أحد أحق بالأمر منه و لا أقدم سابقة، و لا أقرب قرابة من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، هل تري أنهم أدركوا ذلك الآن، و لم يدركوه من قبل؟ الحقيقة أن بعضهم لم يبايع أبابكر، بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حتي بايع الامام عليه السلام و قد تبنوا موقف الامام الحريص علي وحدة المسلمين و غلبة الاسلام، و يدل عدم اختلافهم عليه الآن، و انهم لا يرون أحدا أحق بالأمر منه، و عدم اختلاف غيرهم فيه أيضا، انه الرجل الذي كان ينبغي أن يتصدي للأمر منذ البداية و يأخذ دوره في قيادة الأمة و تربيتها... و ربما كان رفضة المتكرر ثم قبوله بعد ذلك، و اصراره علي أن تكون بيعته علنية أمام الجميع و في المسجد، عندما أصروا بدورهم علي مبايعته (فقالوا: و الله ما نحن بفاعلين حتي نبايعك، قال: ففي المسجد، فان بيعتي لا تكون خفية و لا تكون الا في المسجد) [1] .. الا ليلقي الحجة علي المتعرضين و المعاندين علي صحة هذه البيعة و اجماع الأمة عليها، و ربما فسح المجال أمامهم ليبينوا آراءهم و وجهات نظرهم بشأنها، و لم يكن يريد الأمة الا لتظهر رغبتها الحقيقية في قيادته، و لم يكن هو راغبا


في هذه القيادة الا بالقدر الذي يحتمه عليه شعوره بالمسؤولية الكبيرة التي يدرك هو أبعادها و مدياتها أكثر من غيره.

و اذا ما استثنينا بعض الأمويين الذين هربوا من المدينة اثر مقتل عثمان، و بعض المستفيدين من عثمان، فان اجماع صحابة رسول الله و بقية الناس علي بيعته، تدل علي أنهم يقدرونه حق قدره، و أن لا أحد منهم علي الاطلاق اتهمه بقتل عثمان أو التحريض عليه أو السكوت عنه، و هذا يثير تساؤلا آخر: أتري أن أولئك الذين خرجوا علي الامام فيما بعدهم أناس عاديون من عامة الناس، لا يدركون ما يفعلون و يميلون مع كل هوي و ينعقون مع كل ناعق، أو أنهم من الأذكياء و (الدهاة) المشهود لم بالرأي و الذكاء و النظر، و أنهم من المرموقين المعروفين في مجتمعاتهم و أقوامهم..؟.


پاورقي

[1] الکامل في التاريخ 3 - 81.