بازگشت

بين مصلحة الأمة و ضرورات السياسة


فمن هم الناس الذين اتهموه...؟ هل هم سوي معاوية و طلحة و الزبير


و عمرو بن العاص و عائشة و اضرابهم.. أي نفس أولئك الذين حرضوا علي قتله و مهدوا لذلك؟.

انها اذا (ضرورات السياسة) و المصالح التي جعلت من سعوا لقتل عثمان يطالبون عليا بدمه، مع أنهم قتلوه و علي عليه السلام بري ء من ذلك، و هم يعلمون حق العلم أنه بري ء.. فمعظم كتب التاريخ تروي عن عائشة قولها: «اقتلوا نعثلا فقد كفر»، فكيف أصبح مظلوما بعد أن استجاب من قتله لندائها فقتله؟ (خرجت عائشة باكية تقول: قتل عثمان مظلوما! فقال لها عماله: أنت بالأمس تحرضين عليه، و اليوم تبكين عليه!) [1] .

أما عمرو بن العاص فكان يحرض الناس عليه جهرة، و قد قال له بعد احدي خطبه: «اتق الله يا عثمان، فانك قد ركبت فينا أمورا و ركبناها معك، فتب الي الله. نتب. فناداه عثمان: و انك هناك يا ابن النابغة؟ قملت و الله جبتك منذ عزلتك عن العمل. فنودي من ناحية أخري: تب الي الله، فرفع يديه و قال: اللهم اني أول تائب... و خرج عمرو بن العاص الي منزله بفلسطين و كان يقول: و الله اني كنت لألقي الراعي فأحرضه علي عثمان و أتي عليا و طلحة و الزبير فحرضهم علي عثمان. ثم لما قتل عثمان بعد ذلك، ارتحل عمرو من فلسطين راجلا معه ابناه يبكي كما تبكي المرأة و هو يقول: واعثماناه، أنعي الحياء و الدين، حتي قدم دمشق... و فعل ذلك لأنه بلغه أن الناس بايعت عليا) [2] .

و كان عمرو هذا (لما بلغه قتل عثمان قال: أنا أبو عبدالله، أنا قتلته و أنا بوادي السباع. ان يل هذا الأمر طلحة فهو فتي العرب سيبا، و ان يله ابن أبي طالب فهو أكره من يليه الي... فبلغه بيعة علي فاشتد عليه... فسمع أن معاوية بالشام لا يبايع عليا، و أنه يعظم شأن عثمان، و كان معاوية أحب اليه من علي... ثم خرج و معه ابناه، حتي قدم علي معاوية، فوجد أهل الشام يحضون معاوية علي الطلب بدم عثمان. و قال عمرو: أنتم علي حق، اطلبوا بدم الخليفة المظلوم»... و معاوية لا يلتفت اليه فقال لعمرو ابناه: ألا تري معاوية لا يلتفت اليك فانصرف الي غيره. فدخل عمرو علي معاوية فقال له: و الله لعجب لك أني أرفدك بما أرفدك و أنت معرض عني.. ان


قاتلنا معك نطلب بدم الخليفة أن في النفس ما فيها حيث تقاتل من تعلم سابقته و فضله و قرابته و لكنا انما أردنا هذه الدنيا. فصالحه معاوية و عطف عليه) [3] .

و قد شكي عثمان طلحة الي الامام عليه السلام، فذهب الي طلحة في داره، و هو في خلوة من الناس، و عاتبه علي موقفه المعادي من عثمان و تحريضه الناس عليه، لما يمكن أن يجره ذلك الموقف من فتن كبيرة، و قال له: (يا طلحة ما هذا الأمر الذي وقعت فيه؟ فقال: يا أباالحسن، بعد ما مس الحزام الطبيين! فانصرف علي حتي أتي بيت المال، فقال: افتحوه. فلم يجدوا المفاتيح، فكسر الباب، و أعطي الناس، فانصرفوا من عند طلحة، حتي بقي وحده، و سر بذلك عثمان. و جاء طلحة فدخل علي عثمان و قال له: «يا أميرالمؤمنين، أردت أمرا، فحال الله بيني و بينه، فقال عثمان: و الله ما جئت تائبا، و لكن جئت مغلوبا. الله حسيبك يا طلحة) [4] .

«لما حصر عثمان، قال علي لطلحة: أنشدك الله الا رددت الناس عن عثمان. قال: لا و الله، حتي تعطيني بنوأمية الحق من أنفسها» [5] .

(ابن عون عن ابن سيرين قال: لم يكن أحد من أصحاب النبي صلي الله عليه و آله و سلم أشد علي عثمان من طلحة) [6] .

و لم يكن الزبير بأقل شدة من طلحة و عائشة و عمرو بن العاص علي عثمان (لما حصروا عثمان و منعوه الماء، قال الزبير: و حيل بينهم و بين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل) [7] [8] .


پاورقي

[1] العقد الفريد 5 - 43.

[2] الکامل في التاريخ 54 - 55 - 157.

[3] نفس المصدر 158 - 157.

[4] نفس المصدر ص 58.

[5] نفس المصدر ص 73.

[6] العقد الفريد 5 ص 49.

[7] سبأ: 54.

[8] العقد الفريد 5 ص 49.