بازگشت

آل عثمان قتلوا عثمان هكذا حدثنا التاريخ- التمهيد للانحراف المعلن


و نتساءل: من قتل عثمان؟ و لماذا؟.

و من كان السبب في قتله؟ و ماذا كانت مصلحة بعض المسببين من هذا القتل؟

و كيف تغير موقفهم بعد مقتله؟

و علي من رموا تهمة القتل و التحريض؟ و لماذا؟

و كيف كان أسلوبهم بالصاق تهمة القتل بأميرالمؤمنين عليه السلام و أصحابه و لأي غرض فعلوا ذلك؟

و ماذا كان غرض طلحة و الزبير و عائشة و معاوية و عمر بن العاص - بالتحديد - من ذلك؟


ان كتب التاريخ و السير المعروفة لا تكاد تختلف في الاجابة عن هذه الأسئلة، الا في طول التفاصيل التي توردها و نصوص العبارات و طرق التعبير... فقد أجمعت و أكدت هذه الكتب كلها علي أن ما أثار الناس علي عثمان هو انحيازه لأقاربه، و تقريبهم علي الجلة من أصحاب محمد صلي الله عليه و آله و سلم أصحاب السوابق و المناقب (و أنه كثيرا ما يولي بني أمية ممن لم يكن له من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم صحبه، و كان يجي ء من أمرائه ما ينكره أصحاب محمد صلي الله عليه و آله و سلم، فكات يستعتب و لا يعزلهم) [1] .

(و مما نقم الناس علي عثمان أنه آوي طريد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، الحكم بن أبي العاص، و لم يؤوه أبوبكر و لا عمر، و أعطاه مائة ألف. و سير أباذر الي الربذة، و سير عامر بن عبد قيس من البصرة الي الشام، و طلب منه عبد بن خالد بن أسيد صلة فأعطاه أربعمائة ألف. و تصدق رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بمهزون - وضع سوق المدينة، علي المسلمين فأقطعها الحرث بن الحكم أخا مروان، و أقطع فدك مروان، و افتتح أفريقية، فأخذ خمس الفي ء فوهبه لمروان) [2] .

(قال الشيباني: أول من آثر القرابة و الأولياء عثمان بن عفان) [3] .

(ان الذي جمع لمعاوية الشام كلها عثمان بن عفان و أما عمر فانه انما ولاه بعض أعمالها) [4] .


و لابد أن نعلم أن نصائح كثيرة، بل و عتاب شديد قد وصل الي أسماع عثمان لكي يتخلي عن عماله و مستشاريه و خصوصا مروان بن الحكم، طريد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الا أنه أبي ذلك، و برر رفضه بمختلف الحجج و التبريرات التي لم تكن مقنعة.

و لعل تقريب آل الحكم، ذوي السمعة السيئة بين أوساط المسلمين كلهم و تفضيلهم علي الناس، و منحهم الامتيازات العديدة و الأموال الطائلة، و جمع الشام كلها لمعاوية والتغاضي عن أفعاله، و أفعال الولاة و العمال الآخرين الذين يمتون اليه بصلات قريبة، جعل الناس يدركون أنهم أمام أسلوب جديد في الحكم و أمام بادرة انحراف خطيرة لابد من تلافيها و الا اتسعت و أصبحت ظاهرة لا يمكن التغلب عليها فيما بعد - و قد أصبحت كذلك فعلا - و صحح حدسهم أمام ما رأوه من انحراف.


پاورقي

[1] العقد الفريد م 2 ص 206 و م 2 ص 55 - 39 - 36 - 35.

[2] نفس المصدر السابق.

[3] نفس المصدر السابق.

[4] البداية و النهاية 127 - 8. (و في سنة خمس و عشرين عزل عثمان سعدا عن الکوفة و ولي الوليد بن عقبة ابن أبي معيط - و هو صحابي! أخو عثمان لأمه - و ذلک أول ما نقم عليه، لأنه آثر أقاربه بالولايات! و حکي أن الوليد صلي بهم الصبح أربعا و هو سکران ثم التفت اليهم فقال: أزيدکم؟) تاريخ الخلفاء / السيوطي - دار الفکر 1988 - ص 144 (فلما وليهم عثمان لأن لهم و وصلهم ثم تواني في أمرهم و استعمل أقرباءه و أهل بيته... و کتب لمروان بخمس أفريقية، و أعطي أقرباء و أهل بيته المال... فأنکر الناس عليه ذلک) نفس المصدر ص 146. (و کان کثيرا ما يولي بني‏أمية ممن لم يکن له مع النبي صلي الله عليه و آله و سلم صحبه، فکان يجي‏ء من أمرائه ما تنکره أصحاب محمد صلي الله عليه و آله و سلم، و کان عثمان يستعتب فيهم فلا يعزلهم... فلما کان من الست الأواخر استأثر بني عمه فولاهم و ما أشرک معهم... نفس المصدر ص 147.