بازگشت

شروط تعجيزية لاقصاء الامام عن الخلافة


و لعل عبدالرحمن بن عوف اتخذ شرطه ذاك ذريعة لابعاده عن الخلافة، فربما علم يقينا أنه لن يتنازل و يستجيب لشروطه المجحفة و أنه سيجيبه بما أجاب به. فلم يكن الامام عليه السلام ليساوم و يتنازل عن الحق و عن كل ما يعلمه و يفهمه في سيبل الجلوس علي كرسي الخلافة، مع أنه أحق الناس به.

انه شرط (تعجيزي) لا يمكن أن يستجيب له الامام بأي حال من الأحوال، لذلك فانه قال عندما نزع الأمر عنه و اختار عثمان دونه «حبوته محاباة، ليس ذا بأول يوم تظاهرتم فيه علينا. أما و الله ما وليت عثمان الا ليرد الأمر اليك، و الله كل يوم هو في شأن» [1] و مع ذلك فقد سكت و صبر و قام بالنصح و المشورة و ابداء الرأي للخليفة الجديد و لم يتخل عن الدولة الاسلامية أو يقف منها موقفا سلبيا بحجة انتزاع حقه منه و تصدي بكل حزم لايقاف الانحراف المتسارع الذي بدا يظهر بوضوح في هذه الدولة الفتية.

نقول: حين استتب الأمر لعثمان، و أصبح خليفة، استفز تقريبه الأحداث من أهل بيته علي الجلة من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حتي علي عبدالرحمن بن عوف الذي اختاره و الذي عوتب علي ذلك، فعاتب بدوره عثمان عتابا مرا و آلي علي نفسه أن لا يكلمه أبدا، فلم يكلمه حتي مات [2] .. و عندما احتج عثمان بأن بعض الولاة من أمثال معاوية، قد عينهم عمر نفسه، قال له الامام عليه السلام: «ان عمر كان يطأ علي صماخ من ولي أن بلغه عنه حرف جلبه ثم بلغ به أقصي العقوبة، و أنت لا تفعل ضعفت وققت علي أقربائك) [3] .


و طبيعي أن يستغل معاوية هذا الانحياز المطلق من عثمان لأقاربه أسوا استغلال، فيتصرف و كأنه هو الخليفة الفعلي، لا عثمان، كما يفعل مروان بالضبط، و قد لفت ذلك أنظار الناس و انتباههم، فحاول الامام علي عليه السلام بدوره لفت نظر عثمان الي ذلك، فقال عثمان لعلي (هل تعلم أن عمر ولي معاوية؟ فقد وليته. فقال علي: أنشدك الله هل تعلم أن معاوية كان أخوف لعمر من «يرفأ» غلام عمر له؟ قال: نعم. قال علي: فان معاوية يقتطع الأمور دونك و يقول للناس: هذا أمر عثمان، و أنت تعلم ذلك فلا تغير عليه) [4] .


پاورقي

[1] العقد الفريد 32 - 5 و الکامل في التاريخ 583 - 2.

[2] العقد الفريد 5 33 (فلما أحدث عثمان ما أحدث من تأمير الأحداث من أهل بيته علي الجلة من أصحاب محمد صلي الله عليه و آله و سلم، قبل لعبدالرحمن بن عوف: هذا عملک! قال: ما ظننت هذا! ثم مضي، و دخل عليه و عاتبه، و قال: انما قدمتک علي أن تسير فينا بسيرة أبي‏بکر و عمر، فخلفتهما و حابيت أهل بيتک و أوطأتهم رقاب المسلمين. فقال: ان عمر کان يقطع قرابته في الله و أنا أصل قرابتي في الله. قال عبدالرحمن: لله علي ألا أکلمک أبدا. فلم يکلمه أبدا حتي مات. و دخل عليه عثمان عائدا له في مرضه. فتحول عنه الي الحائط و لم يکلمه).

[3] الکامل في التاريخ 44 - 3 و تاريخ الطبري 645.

[4] الکامل في التاريخ ص 44 م 3 و تاريخ الطبري 2 ص 645.