بازگشت

لماذا قربه عمر دعوا فتي قريش و ابن سيدها


و لا ندرك تالغرض الحقيقي من وراء تعيين عمر اياه علي الأردن و الشام، فلا شك أن عمر غير مقتنع بنزاهته أو بتفرده بكفاءة مثلي، كما أنه يعلم أنه من الطلقاء، ربما أراد بذلك اسكات أبي سفيان و من يشابعه من قريش التي نصبت العداوة لآل النبي صلي الله عليه و آله و سلم منذ البداية و ظلت علي عدائها و كرهها لهم، فمع أن عمر يشتد علي معاوية الا أنه يلين معه و ربما لم يره الا قسوة رؤوفة، قسوة أب حان محب لابنه، يريد صلاحه و لا يريد انزلاقه في الغواية. قد ينظر اليه غيظا و قد تفيض نفسه عليه حبا، و قد استبدل عمر معظم ولاته الا معاوية فانه وسع ولايته (الأردن) و أضاف اليها (الشام) بعد وفاة يزيد.

(ذكر معاوية عند عمر فقال: دعوا فتي قريش و ابن سيدها، أنه لمن يضحك في الغضب. لا ينال منه الا علي الرضا، و من لا يأخذ من فوق رأسه الا من تحت قدميه) [1] .

و يبدون أن معاوية علي اتصال دائم بأبويه الحاذقين الماكرين، يتزود من نصائحهما الأبوية الغالية ليضيف الي خبرته المتنامية في (فن السياسة و الحكم) خبرات جاهزة في فن الحياة... (لما قدم معاوية من الشام، و كان عمر قد استعمله عليها، دخل علي أمه هند؛ فقالت له: يا بني، انه قلما ولدت حرة مثلك، و قد استعملك هذا الرجل، فاعمل بما وافقه أحببت ذلك أم كرهته. ثم دخل علي أبيه


أبي سفيان! فقال له: يا بني، ان هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا و تأخرنا عنهم، فرفعهم سبقهم و قصر بنا تأخرنا، فصرنا أتباعا، و صاروا قادة؛ و قد قلدوك جسيما من أمرهم، فلا تخالفن أمرهم، فانك تجري الي أمد لم تبلغه، و لو قد بلغته لتنفست فيه.

قال معاوية: فعجبت من اتفاقهما في المعني علي اختلافهما في اللفظ) [2] .

فهما كانا يدعو انه للحذر و الترقب و عدم التمادي في تصرفاته الملفتة للنظر، لأنه كان لا يأخذ نفسه بما كان غيره يأخذون به أنفسهم و لو ظاهريا من التقشف و جشوبة العيش و خشونته. ثم أنه لو كان قد عومل وفق المعايير التي وضعها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في مسائل الامرة و القيادة لما وصل أصلا الي ما وصل اليه في عهد عمر.


پاورقي

[1] البداية و النهاية ج 8 ص 127 و نسب الأندلسي ذلک الي عمرو بن العاص - العقد الفريد 111 - 5.

[2] العقد الفريد 1 ص 14.