بازگشت

التمهيد لمعاوية، حصة في سلطة الدولة الاسلامية هذا كسري العرب


لقد قرب عمر معاوية أكثر عندما جعله عاملا له علي دمشق اضافة للأردن، غيرأنه كان يأخذه بالشدة في بعض الأحيان و يوبخه علي ما كان يبديه من مظاهر البذخ و الترف و يعلم أنه لا يتمتع بذلك القدر من الأمانة التي ينبغي أن يكون عليها الوالي في ظل الدولة الاسلامية، و كان معاوية يبدو حذرا من عمر و يدرك أنه يراقبه و يرصد تصرفاته التي يبدون أنها كانت غير خافية عليه، فقد قال له عمر في أحدي المرات (... سأحدثك ما بك الا الطافك نفسك بأطيب الطعام، و تصبحك فتي تضرب الشمس و ذوو الحاجات و راء الباب، فقال: يا أميرالمؤمنين علمني أمتثل) [1] .

(و كان عمر بن الخطاب اذا رأي معاوية قال: هذا كسري العرب) [2] .

و قد كان معاوية من الدهاء و قوة الحيلة بحيث أنه لم يكن يجرؤ علي اغضاب عمر الذي كان سريع الغضب أمام كل ما يستفزه و يثيره، و كان يعامل ولاته بغلظة و لا يتسامح معهم (قال يزيد: حدثني أبي أن عمر بن الخطاب لما قدم الشام، قدم علي حمار و معه عبدالرحمن بن عوف علي حمار، فتلقاهما معاوية في موكب ثقيل، فجاوز عمر معاوية حتي أخبر به فرجع اليه. فلما قرب منه نزل اليه، فأعرض عنه، فجعل يمشي الي جنبه راجلا. فقال له عبدالرحمن بن عوف: أتعبت الرجل. فأقبل


عليه عمر فقال: يا معاوية، أنت صاحب الموكب آنفا مع ما بلغني من وقوف ذوي الحاجات ببابك؟ قال: نعم يا أميرالمؤمنين. قال: و لم ذاك؟ قال: لأنا في بلد لا نمتنع فيها من جواسيس العدو و لابد لهم مما يرهبهم من هيبة السلطان! فان أمرتني بذلك أقمت عليه، و أن نهيتني عنه انتهيت. فقال: لئن كان الذي تقول حقا فانه رأي أريب! و ان كان باطلا خدعة أديب، و ما آمرك به و لا أنهاك عنه. فقال عبدالرحمن بن عوف: لحسن ما صدر هذا الفتي عما أوردته فيه! فقال لحسن موارده جشمناه ما جشمناه) [3] .


پاورقي

[1] البداية و النهاية ج م ص 128.

[2] المصدر السابق ص 128 و تاريخ الخلفاء، السيوطي، دار الفکر 1988 ص 182.

[3] العقد الفريد 15 - 1.