بازگشت

شرف النبوة فاق كل شرف


و هنا سيضاف الحسد و شعور الهزيمة و الذل الي بقية المشاعر المريضة التي حملها آل أبي سفيان بشكل خاص. و اذ أنهم كانوا مضطرين الي اخفاء هذه المشاعر أمام كل المسلمين، و الناس كلهم قد أعلنوا اسلامهم في المحيط الذي عاشوا فيه، فان المرارة ستفيض هنا و لن يستطيع الكبت أن يخفف منها أو من أي شعور بالهزيمة و الخذلان، الا أن الادعاء و التعالي يبرز حالما يجد الي ذلك سبيلا (قيل لمعاوية: أيكم كان أشرف أنتم أو بنوهاشم؟ قال: كنا أكثر اشرافا، و كانوا هم أشرف. فيهم واحد، لم يكن في عبد مناف مثل هاشم. فلما هلك كنا أكثر عددا و أكثر اشرافا. و كان فيهم عبدالمطلب، لم يكن فينا مثله. فلما مات صرنا عددا و أكثر اشرافا و لم يكن فيهم واحد كواحدنا. فلم يكن الا كقرار العين، حتي قالوا: منا نبي. فجاء نبي لم يسمع الأولون و الآخرون بمثله، محمد صلي الله عليه و آله و سلم فمن يدرك هذه الفضيلة و هذا الشرف...؟) [1] و غم ما في هذه الأقوال من مغالطات مفضوحة، فان معاوية لم يستطع - رغم رغبته الأكيدة في ذلك - اخفاء شرف شخصيات بارزة من بني هاشم، مثل هاشم نفسه أو عبدالمطلب ابنه، اذ أن ذلك أمر لم يكن قادرا عليه مهما فعل... فاعترف به علانية... لكنه لم يستطع منع نفسه من ادعاء الشرف لآله الكثيرين (الذين كانوا أشرافا بحكم انتمائهم لعبد مناف و حسب لا لفضائل خاصة مذكورة لهم، و لو كانت لذكرها معاوية) لكنه تبجح بأنهم أكثر عددا، و هذه هي الفضيلة الوحيدة! و لم ير معاوية أمام اجماع الأمة علي حب محمد صلي الله عليه و آله و سلم، الا الاستسلام نهائيا عند ذكره، مع أنه رأي أنه صلي الله عليه و آله و سلم الشرف الوحيد المتبقي لآل هاشم، و قد ذهب... و يريد أن يوحي بذلك أن البقية من آل محمد هم كمجموع بني أمية في الشرف، و ربما أراد أن يقول: أن عليا كمعاوية و الحسين كيزيد...!! فملاحظات معاوية ما كان لها أن تؤخذ ببساطة من قبلنا، فايحاءاته مؤثرة مضللة، و سنجد أنه سيعمد الي الكثير منها لفعل


المزيد من التأثير و التضليل الذي يريد، حتي أنه راح في مناسبات عديدة يدعي لأبيه كل شرف و سيادة عبد مناف. فقد قال في احدي المناسبات (و قد عرفت قريش أن أباسفيان كان أكرمها و ابن أكرمها، الا ما جعل الله لنبيه صلي الله عليه و آله و سلم فان انتخبه و أكرمه) [2] و هكذا كانت شهادته لأبيه، و ربما لنفسه أو لولده كذلك؛ فلم يكن يريد أحدا أن يظن أن هناك من هو أكرم منه.


پاورقي

[1] البداية و النهاية ج 8 ص 141 - 140.

[2] الکامل في التاريخ م 3 ص 34 و من العجيب أنه کان يفخر بکفر أبيه و حربه علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم و يعتبر أن ذلک کانت أمورا تحصل داخل العائلة الواحدة، و هذا أحد ايحاءاته المضللة (.. فما ساد قريشا و قادهم الا أبوسفيان بن حرب، فکانت الفئتان تلتقيان و رئيس الهدي منا و رئيس الضلالة منا، فمهديکم تحت راية مهدينا و ضالکم تحت راية ضالنا..) العقد الفريد 101 - 4.