بازگشت

اسلام أم استسلام أبوسفيان يري النبوة ملكا


و قد ظل أبوسفيان يكيد لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و المسلمين، حتي دخل مقهورا فيمن دخل معه من قريش في الدين الجديد عام الفتح، و أعلن اسلامه بعد أن لم يكن من الأمر بد، و صدقت نبؤءة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيهم (... فوالله لا يأتي عليكم غير كثير، حتي تدخلوا فيما تذكرون و أنتم كارهون. فكان الأمر كذلك..).

لقد (أسلم) أبوسفيان، فكيف كان اسلامه...؟.

ذهب في جيش المسلمين الي حنين، و رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قائد ذلك الجيش، و كانت الكرة علي المسلمين، و الحرب كر و فر... انهزم أناس كثيرون (و رأي من كان


مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من جفاة أهل مكة الهزيمة، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن، فقال أبوسفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، و ان الأزلام لمعه في كنانته) [1] .

و قبلها... عند فتح مكة و (اسلامه) مقهورا، خاطب العباس عم النبي صلي الله عليه و آله و سلم عندما جسه بأحد المضايق لرؤية جيوش المسلمين التي كانت في طريقها لدخول مكة (... و الله يا أباالفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما، قال (العباس)، قلت: يا أباسفيان، انها النبوة. قال: فنعم اذا) [2] .

فهل كان أبوسفيان مقتنعا بنبوة محمد صلي الله عليه و آله و سلم، و هو لم يعلن شهادته الا بعد أن أنذر بشدة؟

لقد رأي الأمر أمر منافسة علي ملك و سلطان و رأي أنه قد خسر جولة الصراع مع محمد صلي الله عليه و آله و سلم، و ربما سينجح بنوه في جولات لاحقة مع آل محمد عليهم السلام.

ان عقلية أبي سفيان لم تفهم الاسلام و لم تستوعبه أم تهضمه، و من المؤكد أنه أنشأ أولاده و عائلته علي نفس فهمه و تصوراته و قيمه (التجارية) المصلحية البحتة... و هكذا نشأ معاوية علي نفس تصوراته و قيمه و مثله...(مهما يقل الناس في معاوية من ذلك، فقد كان معاوية هو ابن أبي سفيان قائد المشركين يوم أحد و يوم الخندق، و هو ابن هند التي أغرت بحمزة حتي قتل ثم بقرت بطنه و لاكت كبده، و كادت تدفع النبي نفسه صلي الله عليه و آله و سلم الي الجزع علي عمه الكريم... و كان المسلمون يسمون معاوية و أمثاله من الذين أسلموا بآخره، و من الذين عفا النبي عنهم بعد الفتح، بالطلقاء، لقول النبي صلي الله عليه و آله و سلم لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء) [3] .

لقد كان خلق الاسلام هو الذي جعل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يبقي علي من آذاه و آذي المسلمين من قريش و غيرها و أن يتألفهم، لأنه يعلم أنهم ليسوا بمستوي من آمن قبل الفتح... و كان موقفه من أبي سفيان (صاحب العير يوم بدر، و صاحب الجيش يوم أحد و في يوم الخندق...) [4] متسامحا بعيدا عن روح الانتقام و الحقد التي ما كان لها


أن تكون في رسول المحبة و الانسانية؛ مع أن الأمر بلغ بالرسول صلي الله عليه و آله و سلم أنه رغب في قتله بعيد موقعة أحد و أرسل عمرو بن أمية الضيمري الي مكة لهذا الغرض [5] .


پاورقي

[1] نفس المصدر ص 443. و الطبري م 2 ص 168.

[2] نفس المصدر ص 404.

[3] الفتنة الکبري - طه حسين 2 - دارالمعارف ص 14.

[4] المبرد الکامل في الأدب - دارالفکر - بيروت ج 1 ص 218 - 217 و العقد الفريد 147، 2.

[5] راجع الطبري 2 ص 79.