بازگشت

قريش تتبني الحقد الأموي علي الرسول و أهل بيته


و لا شك أن حقد كبار رجال قريش و عوائلها الكبيرة لم يكن يقل عن حقد آل أمية علي آل هاشم، فهاشم كان - كما يبدو - قد استأثر بكل الأمجاد لنفسه و أولاده، و هذا كان - بنظرهم - عاملا لتجريدهم من مراكز النفوذ و القوة و التأثير و المجد. و لا شك أنهم حاولوا تأليب أمية و آل أمية علي آل هاشم و تأجيج عوامل الكره و البغضاء و التحاسد بينهم عندما شمت بأمية ناس من قريش، كما رأينا في كامل ابن الأثير قبل قليل.

و لا يهمنا أن نخوض في التفاصيل التي جعلت قريش تتفرق الا بالمقدار الذي يفيدنا في هذه الدراسة و لعل سبب الفرقة يرجع الي المنافسة علي الرفادة و السقاية (فان بني عبد مناف بن قصي، عبد شمس، و هاشم، و المطلب، و نوفل أجمعوا أن يأخذوها من بني عبدالدار لشرفهم عليهم و فضلهم، فتفرقت عند ذلك قريش، فكانت طائفة من بني عبد مناف، و طائفة مع بني عبدالدار.) [1] .

و قد تجلت عداوة قريش واضحة لسليل هاشم، محمد بن عبدالله صلي الله عليه و آله و سلم عندما أمر باعلان دعوته و نشرها (... و اشتدت قريش علي من في القبائل من الصحابة الذين أسلموا، فوثبت كل قبيلة علي من فيها من المسلمين يعذبونهم و يفتنونهم عن دينهم، و منح الله رسوله بعمه أبي طالب، و قام أبوطالب في بني هاشم، فدعاهم الي منع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فأجابوا الي ذلك، و اجتمعوا اليه، الا ما كان من أبي لهب...) [2] .


و مع أبي لهب كان أشد الناس عداوة للرسول صلي الله عليه و آله و سلم، الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف و الحارث السلمي و الوليد بن المغيرة و أبوجهل و أمية و أبي ابنا خلف، و عقبة ابن أبي معيط و أبوقيس بن الفاكه بن المغيرة و العاص بن وائل السهمي والد عمرو بن العاص و النضر بن الحارث بن عبدالدار، و أبوسفيان بن حرب، و الحكم بن أبي العاص والد مروان و غيرهم، أسلم بعضهم عام الفتح... [3] .

و بلغ من حقد قريش علي النبي أنها لم تكتف بأذاه في مكة و انما حاولت النيل من أصحابه المهاجرين الي الحبشة، عندما رأت (أن المهاجرين قد أطمأنوا بالحبشة و ان النجاشي قد أحسن صحبتهم، فبعثوا عمرو بن العاص و عبدالله بن أمية اليه و الي أعيان أصحابه) [4] ، الا أن مسعاهم فشل و رفض النجاشي تسليم أصحاب النبي صلي الله عليه و آله و سلم اليهم. (و لما رأت قريش الاسلام يفشو و يزيد، و أن المسلمين قووا.. ائتمروا في أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه علي أن لا ينكحوا بني هاشم و بني المطلب، و لا ينكحوا اليهم و لا يبيعوهم و لا يبتاعوا منهم شيئا فكتبوا بذلك صحيفة بذلك صحيفة و تعاهدوا علي ذلك، ثم عقلوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيدا لذلك الأمر علي أنفسهم) [5] و كان من المحرضين علي هذا الحلف هند بنت عتبة والدة معاوية التي شجعت أبالهب علي موقفه المعادي من الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و اذا حاولنا سرد الأحداث التي تصدت فيها قريش للرسول صلي الله عليه و آله و سلم لاحتاج الأمر منا كتابا خاصا... غير أن استسلام قريش في النهاية لهذا الدين علي رغم أنفها، و كان الأمر كما خاطبهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قائلا: (... و أما أنتم يا معشر قريش، فوالله لا يأتي عليكم غير كثير حتي تدخلوا فيما تنكرون و أنتم كارهون. فكان الأمير كذلك) [6] و أسلموا عام الفتح و منهم من كان من أشد الناس عداوة له صلي الله عليه و آله و سلم.

و كان أبوسفيان و زوجه هند بنت عتبة و ابنهما معاوية ممن أسلموا ذلك العام كما أخبر الرسول الكريم صلي الله عليه و آله و سلم و هم كارهون.



پاورقي

[1] المصدر السابق ص 558.

[2] نفس المصدر ص 557 - 588.

[3] نفس المصدر 592 - 596.

[4] نفس المصدر 599 - 598.

[5] (ثم أن قريشا اشتد أمرهم للشقاء الذي أصابهم في عداوة رسول‏الله (ص) و من أسلم معه منهم، فأغروا برسول الله (ص) سفهاءهم، فکذبوه و آذوه، و رموه بالشعر و السحر و الکهانة و الجنون..) السيرة النبوية ص 289.

[6] نفس المصدر ص 608.