بازگشت

الحقد الموروث عن الأهل اتخذ طابع القداسة لدي الأبناء


و قد امتدت الحرب الشرسة القديمة التي شنها أمية علي هاشم، ثم أبوسفيان علي محمد صلي الله عليه و آله و سلم و معاوية علي علي عليه السلام و آل أمية علي آل هاشم بأجمعهم، لتتخذ أوجها متعددة اتسمت بالشراسة و الوحشية و الابتعاد عن كل قيم بشرية عليا، حتي و ان لم تكن قيم الاسلام نفسها، الا أن المعارك الأولي من هذه الحرب حسمت في النهاية لصالح الاسلام و آله، محمد و آل بيته عليهم السلام و صحبه الكرام رضوان الله عليهم، و قد سقط في بعض هذه المعارك العديد من آل أمية قتلي بسيف علي و حمزة في معركة بدر أول معارك الاسلام الخالدة، و كان منهم جد معاوية لأمه و عمه و خاله، كما سقط فيها حمزة فيما بعد - في معركة أحد- و قد بلغ من حرص (هند) - والدة معاوية - علي الأخذ بثأر ذويها المقتولين و بث نار الانتقام و الحقد في صدور الأحياء منهم و منهم معاوية نفسه و زوجها أبوسفيان، الذي لم تكن عوامل الانتقام في نفسه لتقل عن تلك التي في نفس زوجته، انها سعت للغدر بحمزة عم الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و قتله علي يد أحد عبيدها (وحشي)، ثم اقتطعت جزءا من كبده و لاكتها للتعبير عن المرارة و الحقد اللذين جاشا في صدرها ضد قاتل ذويها، الذين كانوا في مقدمة من أعلن الحرب علي الله و رسوله صلي الله عليه و آله و سلم و أخذوا علي عوائقهم مهمة التصدي لهذا الدين الذي أنزل علي سيد الأنبياء و الرسل، و الذي كان عدوهم التقليدي - بزعمهم-. و قد قرعت زوجها، أبا


سفيان، عندما أعلن (اسلامه) تحت وطأة الخوف الذي ألم به عندما رأي قوة الجيش الاسلامي الذي كان يقوده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لفتح مكة.. (فقامت اليه هند بنت عتبة، فأخذت بشاربه، فقالت: اقتلوا الحميت الدسم الأحمس، قبح من طليعة قوم! قال: ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فانه قد جاءكم ما لا قبل لكم به..) [1] .

و اذ حفلت كتب التاريخ و السير بالوقائع التي لا تقبل الشك، و التي يقر و يعترف بها الجميع حتي الأمويون أنفسهم، و قد أكدت هذه الوقائع الأكيدة، تأصل العداوة و الحقد في نفوس آل أمية، و التي برزت، لا بمعارك كلامية أو ضغائن كانت في الصدور و حسب، و انما تجسد بمعارك دموية (و حقد مقدس) موروث في صدور أفراد العائلة الأموية علي أعدائهم، أفراء العائلة الهاشمية، ثم العلوية فيما بعد، و علي عميدها الامام علي عليه السلام و أولاده و أحفاده و أتباعه. فان علينا أن نتساءل: هل سكنت هذه الحرب فجأة بمجرد دخول النبي صلي الله عليه و آله و سلم مكة، قبل وفاته بعام، و عفوه عن الذين لم يسلموا بعد، و منهم أبوسفيان و ابنه معاوية، اللذان أعلنا اسلامهما بعد أن لم يجدا بدا من الدخول فيما دخل فيه الناس...؟ و هل انطفأت نارا البغضاء و العداوة في صدور أولئك المغلوبين من آل أمية الذين اضطروا لاخفاء رؤوسهم أمام العاصفة الاسلامية و السير مع ريحها..؟ و هل حل الرضا، محل نوازع السخط و الغضب و الحسد التي اضطرمت في صدورهم طيلة عقود طويلة من الزمن؟.. هكذا فجأة دون مقدمات مع أن الحرب كانت تتصاعد و بلغت ذروتها قبيل اعلانهم الدخول في الدين الذي كان يعني أكبر انتكاسة حلت بمجدهم الموهوم الذي زعموه يفوق الأمجاد القرشية و العربية كلها؟ و هل محا الاسلام الذي لم يدخل تلك الصدور و لم يعمرها، ما تأصل فيها من كره لأعدائهم التقليديين من آل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، الذين هدموا آخر ما تبقي لهم من حصون العز و الشرف المزعومة.

كيف لأحد أن يزعم ذلك، و يتجاهل ما صرحوا به - و برز علي ألسنتهم و من خلال تصرفاتهم - حتي بعد انضمامهم العلني الي حضيرة الاسلام..؟.


پاورقي

[1] ابن هشام / السيرة النبوية / ج 4 م 2 ص 405.