بازگشت

فضائل لا خلاف عليها


ان هذه المسألة دقيقة، ينبغي الالتفات اليها. ففضائل علي عليه السلام لا يختلف عليها اثنان، و هي من العظمة بحيث جعلت الكثيرين يغالون فيها و ينسبونها الي الله نفسه - سبحانه - و يؤلهون هذا الرجل العظيم، بل العبد المطيع الذي كان كيانه كله بكل شعرة و خلية في جسمه مع كل نفس يتصاعد الي صدره، ينطق بتوحيد الله، و يذوب حبا فيه و في رسوله و دينه.

و اذا ما تلمسنا أحداث حياته عليه السلام بدقة و وعي، وجدنا أن قد كرس هذه الحياة بشكل تام في سبيل الاسلام و رسول الاسلام صلي الله عليه و آله و سلم، لقد فداه بنفسه مرات عديدة ابتداء من ليلة الهجرة المباركة، عندما بات علي فراشه و عرض نفسه للقتل علي أيدي عتاة قريش و قتلتها، و وقوفه في كل معارك الاسلام درعا للرسول الكريم صلي الله عليه و آله و سلم و سيفا أشهره علي المشركين فقتل به المئات منهم، كان حربا علي الكفر و الاستغلال و الظلم، و كان صورة ناطقة للاسلام، حمله بكل جوارحه و فهمه و وعاه بشكل حقيقي تام كما فهمه و وعاه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نفسه.

انها مهمة صعبة حقا تناول سيرة هذا الرجل الكبير في مقال واحد أو في كتاب واحد، و جانب واحد من جوانب هذه السيرة قد يكون عسيرا علينا، اذا ما حاولنا دراسته يدعي و فهم... و لهذا فقد ضل فيه كثيرون بين غال و قال كما عبر هو بنفسه عليه السلام. اذ لم يدركوا وضوحه الخارق و بساطته المتناهية و فطرته المستقيمة التي عبرت عن فطرة الاسلام نفسه في طرحه لأمور الحياة المختلفة. ان هذا الوضوح الخارق هو الذي جعله يغمض عليهم، و هذه الاستقامة المفرطة و العدالة التامة و الذوبان في ذات الله هي التي جعلت من ابتعدوا عنها يجدون أسبابا للنيل منه بعد أن لم يستطيعوا أخذ أنفسهم للسير علي نهجه و طريقه، لأنهم وجدوه عسيرا، غير ممكن التطبيق، بنظرهم.