بازگشت

الامام المعصوم هو المؤهل الوحيد


و لسنا هنا بصدد الحديث المسهب عن عصمة الرسول الكريم صلي الله عليه و آله و سلم، فهذا أمر لا يختلف عليه اثنان من المسلمين، و حتي أنهم يأخذونه أمرا مسلما تقبله فطرتهم قبل أن تناقشه عقولهم، اذ يرون فيه الضمانة الوحيدة لصدق الرسالة التي آمنوا بها دون تحفظ أو تردد.

غير أن الأمر هنا يتعلق بالامام عليه السلام الذي نص عليه الرسول صلي الله عليه و آله و سلم ليتولي القيادة


من بعده، و يكمل المشوار، و الذي يستطيع بمؤهلاته، ضمان المعركة التي لم تنته - دون شك - بعد اختفاء الرسول الكريم من الساحة بوفاته صلي الله عليه و آله و سلم، و كذلك بالأئمة الآخرين عليهم السلام، الذين كان ينبغي أن يتسلموا زمام القيادة بعد الامام الأول.

ان دور الامامة المكمل لدور النبوة، و الذي كان يندمج معه في حياة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، استمر بعد انقطاع دور النبوة و كان لابد للامام أن لا يري أمامه الا نفس المسؤوليات الكبيرة التي حملها الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، و الا نفس الشعور بالمسؤولية لكي تضمن الأمة سلامة و صحة مسيرتها و عدم انحرافها، و تسير بثقة مطلقة خلف هذا الامام الذي يقودها في معاركها التي لابد أنها لن تنتهي بوقت قصير - كما دلت علي ذلك الأحداث فعلا - أمام الملوك و الأكاسرة و القياصرة الذين سخروا الناس لخدمتهم و عبادتهم و تنفيذ رغباتهم و دعم عروشهم، و أمام كل الأصنام البشرية و الحجرية، و أصنام الهوي و الضلالة و الانحراف. و قد رأينا في الفصل الأول من هذا الكتاب كيف أن العصمة لابد لها أن تكون في الامام لضمان صحة المسيرة المسددة بالعناية الالهية و التوفيق الرباني.

و اذا لم تتح للأئمة ممارسة أدوارهم القيادية بشكل تام و مباشر، و أولت النصوص الخاصة بخلافتهم و امامتهم و وضعت علي الرفوف و لعبت الظروف السياسية و الاجتماعية و النزعات و الرغبات دورها في ابعادهم عن منازلهم التي رتبهم الله فيها.. (و قد تكلمنا عن بعض هذه النصوص و عن الموضوع بصورة عامة و أعطينا رأي بعض أكابر علماء المسلمين الشيعة فيه، في (الفصل الأول من هذا الكتاب)، و أوضحنا كيف ينبغي أن تكون ردود فعلنا حولها و خصوصا علي ضوء الموقف المبدئي للامام علي عليه السلام من الخليفتين الأول و الثاني ثم من الخليفة الثالث بعد ذلك. و هذا ما سنيشير اليه باختصار أيضا مرة ثانية ان شاء الله.

غير أننا سنوضح موقفه الحازم من معاوية الذي حاول القفز علي كرسي الخلافة بدوره مع وجود الامام عليه السلام نفسه علي الساحة، و رغم مبايعة الأمة كلها له، و حاول الخروج عليه و الاصرار علي عدم مبايعته، ثم منافسته و محاربته لانتزاع الأمر منه بقوة السلاح و بكافة الطرق المتاحة.

و قد نتساءل: لماذا كان الخلاف علي عصمة علي و من جاء بعده من الأئمة المعصومين؟ و الجواب لابد أن يحمل طابعا سياسيا، و لابد أن يكون هو نفس السبب الذي اختلف عليه بصدد الخلافة نفسها.