بازگشت

لا خوف من الحقيقة و ان شمت منا الأعداء


ان تاريخنا معروض في (فاترينات) و رفوف المكتبات، و من شاء أن يطلع عليه فله ذلك، و ليس علينا نحن أن نخشي من هذا الأمر، و ليس علينا أن نخاف ممن يريد تشويه الحقائق و تزويرها، بل ان خوفنا يجب أن يكون من بقائنا نائمين متكاسلين، فلا نتعامل مع هذا التاريخ و وقائعه و احداثه بعيون مفتوحة و أذهان يقظة، كما يفعل أعداؤنا اليقظون الجادون الذين يتصيدون الهنات و الأخطاء فيجسموها و يبدوها علي


أنها السمة المميزة لنا نحن المسلمين، و انما ينبغي أن نتناول نحن هذه الحوادث - مهما كانت طبيعتها، لنبحث في عوامل الخلل التي أدت الي أن تتخذ المجري الذي اتخذته، و نتجاوز كل عوامل الضعف و الخمول و اللامبالاة و نشخصها بأنفسنا و نعالج نتائجها السلبية بأنفسنا أيضا، و لا نخجلن من ذلك، فتاريخ أعدائنا أسود ملطخ، و حسبهم أن يعالجوا أخطاءهم الفادحة قبل التطرق الي أخطائنا التي لا ننكر أن الكثير منها فادح أيضا.

ان خوفنا من أولئك الأعداء، ينبغي أن لا يغلف كل نظرتنا للأمور، و لا ينبغي أن تطبع كل تصرفاتنا ردود فعل عصبية تتحكم فيها عقدة الخوف أو الخشية من أولئك الأعداء و شماتتهم المحتملة، فليشمتوا ما شاءت لهم الشماتة، و ماذا يضرنا من شماتتهم تلك، أليست هذه عقدة عربية أن بشرية قديمة: و تجلدي للشامتين أريهم أني لخطب الدهر لا أتضعضع، كما قال معاوية قبيل موته، لقد تجلد قليلا ثم مات، و قد ضحك الشامتون ثم ماتوا بدورهم و لو بعد حين.

(... و تاريخها هو هذا: امجادها، و ارتفاعاتها و قممها و قوتها، هي التي تكون فيها مؤدية لرسالتها، و بالقدر الذي تكون فيه مؤدية لرسالتها، و بالقدر الذي تكون فيه مؤدية للرسالة، و انتكاساتها و انخفاضاتها و وهداتها و فترات ضعفها، هي التي تكون فيها ناكلة عن رسالتها، و بالقدر الذي تكون فيه ناكلة عن الرسالة) [1] .

هذا ما أكد عليه كاتبنا الكبير، و أؤكد عليه هنا، لأنه نموذج لكتاب عديدين من الكتاب الاسلاميين الذين يتساهلون في بعض الأمور رغم فطنتهم و ادراكهم و حساسيتهم الفائقة للعديد من الأمور.

ان الأحكام و الأقوال العمومية التي وردت في الكتاب مثل (ان تاريخ الأمة هو هذا، أمجادها، ارتفاعها و قممها و قوتها، هي التي تكون فيها مؤدية لرسالتها) متي كان ذلك..؟ في الصدر الأول للاسلام، و هذا ما يتفق فيه المؤلف معنا.. و متي نكلت عن الرسالة؟ و ما المؤاشرات علي ذلك؟ المؤاشرات. علي حد تعبير الكاتب - انتكاساتها و انخفاضاتها و وهدتها و فترات ضعفها.

و متي حدث أن كانت الأمة الاسلامية أمة اسلامية حقا قوية متلاحمة؟ و متي


حدث ان كانت ضعيفة؟ رغم مظاهر القوة التي نتحدث عنها باستمرار و نتفاخر بها علي الدوام؟.


پاورقي

[1] المصدر السابق ص 13.