بازگشت

غسيل قذر و لكن لاحياء في الدين


اننا ينبغي أن لا نخشي من نشر غسيلنا القذر أمام أنظار العالم مخافة نظراتهم المستهزئة و ابتساماتهم الخبيثة... اذ، ما جدوي أن نخفي ذلك و نحن نتحمل مسؤولية دعوة عالمية الي الله، و هو دعوة الاسلام الشامخة القوية المتحدية، التي تتعامل مع الانسان كوحدة متكاملة، بكل ما فيه من عوامل القوة و الضعف و الاستقامة و الانحراف، و تدعوه لتقويم كل ما فيه من عوامل هذا الانحراف و ضعف علي طريق الاستقامة التي يريدها الله لهذا الانسان؟ و تحاول انتشاله دائما من كل عوامل الخمول و التأخر و الانحدار، علي أساس مبادئه و قيمه المعروضة المعلنة في كتاب الله و السنة الكريمة المشرفة.

لقد أصبحت شرائح كبيرة من المسلمين علي درجة كبيرة من الوعي و المعرفة وسعة الاطلاع، لكي ندرك أن الذنب لم يكن ذنب الاسلام - و أن الضعف لم يكن كامنا فيه - عندما لم يحكم، و عندما تخلي عنه (قادة المسلمين) من (خلفاء) و (أمراء للمؤمنين) في وقت مبكر، و لم يحكموه في حياتهم بشكل تام، غير مبتور و لا ناقص، و فصلوا الكثير من أموره و حلقاته عن أمور هذه الحياة.

و اذا لم تقم حكومة اسلامية علي غرار الحكومة الاسلامية الأولي التي أقامها الرسول الكريم صلي الله عليه و آله و سلم، و استمرت لفترة قصيرة بعده، فاننا ينبغي أن نعرف السبب


الحقيقي لذلك و نستشفه من خلال سطور التاريخ و حوادثه المتعددة الكثيرة، و ربط هذه الحوادث مع بعضها و مع مسبباتها، و علينا أن لا نهمل هذه الأسباب، مهما بدت لنا بسيطة و عادية، اذا ما أردنا أن نصل الي أجوبة شافية لهذه (الأحجيات) التي أبدت لنا الاسلام و كأنه غير قادر علي حكم الحياة، و لا يتطابق مع (واقعيتها و متغيراتها) و لا يمكن أن يتعايش معها...! و قد يري بعضنا أن الاسلام لا يستطيع ذلك الا اذا تنازل عن بعض قيمه العليا في ظل دولة (تتساهل) ببعض الجوانب مثل الدولة الأموية أو العباسية. و الا فان الاسلام بما فيه من (المحافظة) و (الانغلاق) و (التحجر!)، لا يمكن أن يتعايش مع الحياة دون هذا التساهل، و سيظل نمطلا أفلاطونيا لا يعيش الا في الخيال.

و سنري علي ضوء تتبعنا لوقائع التاريخ، أية حروب شرسة عنيفة شنت عليه منذ البداية لابعاده عن الحياة أو التحكم فيها و لجعله يعيش علي هامشها. و بدون تتبع هذه الوقائع و الأحداث بدقة، فاننا سنظل نخبط خبط عشواء - كما يقول أسلافنا العرب، اذا ما حاولنا اهمال بعض حلقات التاريخ الاسلامي أو حوادثه (الصغيرة)، و أهملنا التركيز علي (شخوصه المهمة) التي كان لها أثر بعيد في اتخاذ الأحداث مجراها الذي اتخذته فيما بعد.

ان التاريخ الاسلامي كان ينبغي أن يكون تاريخ الشعوب الاسلامية لا الخلفاء و الملوك و حسب، و كان ينبغي أن يكون تاريخ الاسلام نفسه، هذا الاسلام الذي أرسل للناس كافة ليسود و يحكم، لا ليقبع في بطون الصحف، و يبرز أمامنا شعائر و ممارسات (تعبدية طقوسية) مجردة لا صلة لها بالحياة، و الحديث عن (أمة اسلامية) هنا و في ظل حكام كهؤلاء، ليس سوي مغالطة كبيرة، عندما لا تري هذه الأمة من الاسلام الا اسمه و عنوانه و شعاراته الظاهرية فقط التي لا تمس بسيادة الحاكمين أو نفوذهم أو سلطتهم.