بازگشت

مبالغات أم حقائق لماذا الخجل من ذكر الانحرافات


(و مما لا شك فيه أن التاريخ السياسي للمسلمين هو أسوا ما في تاريخهم كله، فبصرف النظر عن المبالغات التي نشأت عن الخلافات المذهبية، و تلوينها لوقائع التاريخ ككتابات الشيعة عن تاريخ أهل السنة مثلا... فما لا شك فيه أنه قد وقعت انحرافات كبيرة في المجال السياسي عن الخط الاسلامي الأصيل، و ان هذه الانحرافات قد وقعت في وقت مبكر من تاريخ الاسلام لم يكن ينبغي أن تقع فيه. و لكن علي الرغم من أن هذه الانحرافات حقيقة واقعة (مع اسقاط المبالغات


المتعمدة)، فان الاقتصار عليها في عرض التاريخ يعطي صورة غير دقيقة لذلك التاريخ، صورة مشوهة ممسوخة...) [1] .

و نتساءل: لماذا الفصل بين الجانب السياسي و جوانب الحياة الأخري؟ مع أن هذا الجانب هو الذي يعمل علي توجيه مجالات الحياة الأخري و التأثير فيها سلبا أو ايجابا وفقا لتصرفات السياسيين، و هم هنا عادة (الخلفاء) و (أمراء المؤمنين) و اتباعهم و المقربون منهم. و لماذا هذا الحياء و الخجل عند التعرض لهذه النقطة في تشخيص بداية الانحراف عن خط الاسلام..؟ ألم يكن هذا الانحراف، مع قرب عهد الناس بالاسلام، و وجود عدد كبير من الصحابة و التابعين و المعاصرين لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بداية الانحرافات أكبر و أوسع؟ ثم: ألم يصبح (سنة)يعمل بها الي الآن، و يتحمل و زرها من سنها؟ بغض النظر عن دوافعه الحقيقية..؟ [2] .

أنتغاضي عن ذلك الانحراف السياسي، و لا نتناول أشكاله و أسبابه بشكل مستفيض، يجنبنا المزيد منه في المستقبل، و ندعي - بعد ذلك - أننا ندرس التاريخ بجد و موضوعية، لنتناول الأحداث الأخري التالية و نقطع أسبابها و صلاتها مع الأحداث الأولي التي تشكل أساسا لها؟.. ألا يكون العمل مبتورا و ناقصا و مقطوعا عن سببه الأول؟ لماذا لا نشخص البدايات الأولي لهذا الانحراف، و نحدد زواياه و درجاته التي اتخذها علي امتداد السنين؟

و لماذا لا نقول صراحة أن الأمويين هم أول من تجرأ علي اعلان هذا الانحراف؟

و لماذا لا نشخص الكيفية التي قاموا بها لتوطيف كل الامكانات و القدرات التي أتيحت لهم - و هي امكانات و قدرات هائلة - لضمان مصالحهم و تثبيت دعائم ملكهم علي أسس (سياسية) بحتة بعيدة عن الاسلام و عن (قيوده و قواعده و التزاماته)؟

تري لو وقع ذلك الانحراف في عهد الامام علي بن أبي طالب أو من أحد عماله أو منه أو من أحد من آل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم - و حاشاهم ذلك - أكان ذلك (الحياء


و الخجل) من التطرق الي هذه النقطة بوضوح سيظل نفسه؟ أم أن الحمية ستتصاعد في رؤوس البعض للدعوة الي كشف المنحرفين و فضحهم، و تشخيص جوانب انحرافهم و عدم ترك صغيرة أو كبيرة منه دون اعلانها علي رؤوس الأشهاد و الوقوف من المسألة كلها موقفا حاسما ليس الآن و حسب، و انما منذ زمن بعيد...؟!!


پاورقي

[1] کيف نکتب التاريخ ص 13.

[2] و قد قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام بهذا الخصوص (ما أحدثت بدعة الا ترک بها سنة فاتقوا البدع و الزموا المهيع. ان عوازم الأمور أفضلها و ان محدثاتها شرارها) نهج‏البلاغة 315.