بازگشت

بين عصمة و طهارة أهل البيت و انحراف الطلقاء


اننا نستطيع فهم أسباب العداء الذي يكنه من لم ينتسبوا لهذا الدين، و لم يعلنوا ولاءهم العلني له و انتماءهم اليه، غير أننا لا نستطيع أن نفسر قيام من تسموا باسمه


و انتسبوا اليه بتخريبه و حرفه، و ربما لا نجد لذلك لا سببا واحدا و هو انهم لم يسلموا طواعية، و لم يستجيبوا الا تحت وطأة الظروف و في جو المد الاسلامي الذي اكتسحهم، فلم يروا مناصا من احناء هاماتهم، و الا ضاعوا الي الأبد. و كانت المكاسب التي جنوها في غياب الشرعية و الجو الصحي النقي أكبر مما حسبوا، اذ وظفت (الخلافة) بالتالي لصالحهم، و لو علموا ذلك، مند البداية، لكانوا أول المسلمين، و ما كانوا من الطلقاء الذين أجبروا علي اعتناق الاسلام، غير أن للحوادث مفآجاتها الغريبة دائما.

و مهمات الاسلام لترسيخ قيم التوحيد و العبودية الخالصة لله وحده، اضطلع بها القرآن الكريم، و الرسول العظيم صلي الله عليه و آله و سلم في وقت واحد، فكلام الله المنزل علي عبده الكريم صلي الله عليه و آله و سلم، جسده هذا العبد سيرة و ضاءة و سنته معدة للعمل بها علي امتداد الزمان و الأمكنة... و ان ابتعدت الشقة، و نأت أطوال هذا الزمن و أبعاد الأمكنة عن الزمن الأول للرسالة، و المكان الأول الذي نزلت و ترعرعت فيه.

و لا يحسبن أحد أن مهمة امامة الأمة التي اضطلع بها الرسول صلي الله عليه و آله و سلم كانت ستنقضي أو تنقطع بعد موته مباشره، بل لابد للامامة أن تستمر، و ان انقطعت الرسالة بموت الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، كان لابد لدور الامامة أن يستمر حتي بعد وفاة النبي و ابتعاده عن الساحة، لابد من قيام من يستطيع فهم الاسلام، و تجسيد معطياته عملا و سلوكا بدور الامامة، و لابد لمن يضطلع بهذا الدور أن يمتلك بعض المؤهلات التي امتلكها الامام الأول، و هو الرسول الكريم صلي الله عليه و آله و سلم.

لابد من عصمة تقي هذا الامام، كما وقت الرسول الكريم من غلبة الهوي و الشهوة و السهو و النسيان و غيرها و غيرها، مما ينتاب الانسان العادي، لابد من تسديد الهي لحمايته من مجمل الأخطاء البشرية التي يتعرض لها الناس في مسيرتهم الحياتية الطويلة [1] .


و هنا تكمن نقطة الخلاف الأولي، اذ لو فهم من تولي منصب الخلافة، طبيعة العمل الذي قام به بانتزاع هذا المنصب من (صاحبه) الشرعي - المعصوم - لكان قد تراجع عن ذلك منذ البداية، بعد أن تجرأ آخرون - فيما بعد - مع أنهم أبعد الناس عن الاسلام، علي الوثوب علي سدة الحكم متحدين الأمة كلها. و قد حدث ذلك خلال النصف الأول من القرن الأول نفسه الذي نزلت فيه الرسالة، و لما وجد سببا يدعوه للاحتفاظ بمنصبه، و لو ليوم واحد، و لما فكر أصلا بمنازعة صاحب الحق حقه، بل حق هذه الأملة التي كان لابد لها و من حقها و هي في بداية لقائها مع الاسلام و تعرفها عليه، و في نشوة هذا اللقاء و الفرح و الخلاص من أو شاب الجاهلية و أقذارها - أن تزيد من التعرف عليه و السير علي نهجه، في جو صحي نظيف، بظل قيادة واعية مؤهلة، تجسد بسلوكها و سيرتها، سلوك و سيرة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نفسه، و تكمل مسيرته بشكل لا يري فيه المرء أي تناقض أو انحراف أو ابتعاد عن تلك المسيرة الشامخة.

فما دامت المعركة قائمة، و ما دام الاسلام يتطلع، ليمتد في أرجاء المعمورة، رغم الطواغيت و دول الظلم، و ما دام أعداء الاسلام يستعدون دائما لضربه و محوه، و ما دامت الجاهلية لا تزال تعيش في كثير من النفوس التي لم تفهم الاسلام بعد، و لم تتشرب مبادئه و قيمه، و لم ترتو من منهله العذب الزلال. فان القيادة أو الامامة المسددة بالعناية الالهية و المعصومة من الخطأ و الزلل، كفيلة بجعل هذه المعركة تحقق النصر علي كل أعداء الاسلام في الجزيرة العربية و خارجها علي السواء.

و هنا ندرك أبعاد شن الحملة الظالمة، لا لنفي العصمة عمن اغتصبت منه الخلافة و حسب، بل و نفي أي نص علي هذا الحق، صادر عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، أي نفي مضمون و محتوي الامامة، هذا الأصل المهم من أصول الدين، و الغاء هذا الأصل المثبت و المقرر من قبل الله سبحانه. و هو أمر لا يملك تغييره الا هو جل و علا!.


پاورقي

[1] و قد شهد الله لنبيه صلي الله عليه و آله و سلم في کتابه العزيز بهذه الصفات النادرة التي منحهم اياها دون بقية البشر بقوله (ليذهب عنکم الرجس أهل البيت و يطهرکم تطهيرا) و قد وردت هذه الآية کما جاء في کل الصحاح و الآثار المعتبرة - بحق النبي (ص) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليه‏السلام سنتطرق الي ذلک في مجال آخر بعون الله.