بازگشت

علي استمرار للرسول


ان هذه المسيرة، هذه المعركة الدائمة لابد لها من قائد حكيم، قائد مسدد بالعنانية الالهية، يسير أمام الأمة المسلمة، و تراه علي الدوام رائدا و اماما. ان دور النبي في هذه القيادة و الامامة لا جدل عليه و لا خلاف، غير أن حياة هذا النبي، لابد أن تنتهي من علي هذه الأرض، مع أن دوره لابد أن يستمر بنفس القوة و الوضوح، و أن يحمل رسالته من تربي في أحضانه و تلقي منه و فهم عنه. لابد أن يكون ابن القرآن الحقيقي - الذي لم يعرف طريقا آخر و لم يتلق أو يفهم سوي لغة القرآن، هو المؤهل لهذا الدور القيادي الحساس الذي يعتمد عليه مصير الأمة و مستقبلها ما دامت المعركة قائمة، و ما دام الدين لم ينتشر بعد و لم يفهم من قبل فئات كبيرة من الأمة، بل من قبل شعوب عديدة في العالم.

ان دور الامامة ينبغي أن يفهم علي هذا الشكل، و لابد لها من ادراك ضرورة هذه القيادة المتمثلة بالامام و التي هي شكل مشابه لقيادة الرسول، و يفترض أن يكون لها نفس الدور القوي لتلك القيادة، لو أن الأمور سارت كما خطط لها صلي الله عليه و آله و سلم و أعد لها من قبل، و لم يكن الأمر مجرد ثناء يزجه الرسول صلي الله عليه و آله و سلم لأميرالمؤمنين عليه السلام عند ما قال له (أنا و أنت أبوا هذه الأمة)، فهو يريد بذلك أن يلفت نظريا الي تطابق مسؤوليتهما في تربية هذه الأمة و قيادتها و الأخذ بيدها حتي تتجاوز الأخطار و حتي تتاح لها الفرصة الكافية لفهم الاسلام من خلال العمل به و انتهاجه طريقا وحيدا في الحياة، طريقا يؤدي سلوكه الي الفوز الأكيد... (الامامة هي في الحقيقة تلك القيادة التي تندمج مع دور النبوة. النبي امام أيضا. النبي امام و لكن الامامة لا تنتهي بانتهاء النبي، اذا كانت


المعركة قائمة، و اذا ما كانت الرسالة بحاجة الي قائد يواصل المعركة. اذا سوف يستمر هذا الجانب من دور النبي من خلال الامامة) [1] .

بهذا المعني ينبغي أن نفهم قول أميرالمؤمنين عليه السلام باستمرار الامامة بعد وفاة النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و أن لها رجالها المؤهلين لحملها كما تحمل مسؤولياتها النبي صلي الله عليه و آله و سلم من قبل (... أرسله صلي الله عليه و آله و سلم بأمره صادعا، و بذكره ناطقا، فأدي أمينا، و مضي رشيدا، و خلف فينا راية الحق، من تقدمها مرق، و من تخلف عنها زهق، و من لزمها لحق.. الا أن مثل آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم كمثل نجوم السماء، اذا خوي نجم طلع نجم..) [2] و من هذا المنظور ينبغي أن يكون فهمنا لكلام أميرالمؤمنين عليه السلام في هذا المعني... و أن لا نفهم أنه يريد منه مجرد اعلام المسلمين بمنزلة آل البيت عليهم السلام العالية، دون ترتيب مسؤوليات حقيقية عليهم تتناسب و مكانتهم و دورهم و فهمهم العالي للاسلام و امامتهم للأمة.

(... و الله ما أسمعهم الرسول شيئا، الا وها أنذا اليوم مسمعكموه، و ما أسماعكم اليوم بدون اسماعهم بالأمس...) [3] .

(تالله لقد علمت بتبليغ الرسالات و اتمام العدات و تمام الكلمات، و عندنا أهل البيت أبواب الحكم و ضياء الأمر) [4] .

(نحن الشعار و الأصحاب و الخزنة و الأبواب، لا تؤتي البيوت الا من أبوابها. من أتاها من غير أبوابها سمي سارقا) [5] .

(نحن النمرقة الوسطي بها يلحق التالي و اليها يرجع الغالي) [6] .

(أنا يعسوب المؤمنين...) [7] .

(... فبهم (آل النبي) كرائم القرآن، و هم كنوز الرحمن، ان نطقوا صدقوا. و ان صمتوا لم يسبقوا) [8] .


(... و انما هو تعلم من ذي علم... فعلم علمه الله نبيه فعلمنيه و دعا لي بأن يعيه صدري و تضطم عليه جوانحي) [9] .

ان ما ذكره أميرالمؤمنين عليه السلام، لا يشير هنا الي مواهب بشرية عادية تؤهل حامليها لمهمات محدودة، بل يشير الي امكانات استثنائية أعد أصحابها لتحمل مسؤوليات استثنائية غير عادية، و هي قيادة الأمة و امامتها. و سنتحدث عما ورد بشأنها عن الرسول الكريم صلي الله عليه و آله و سلم و ما ورد من اشارات و أقوال صريحة بذلك في فصول لاحقة.


پاورقي

[1] المدرسة القرآنية 198.

[2] نهج‏البلاغة: 244.

[3] المصدر السابق 209.

[4] نفس المصدر 283.

[5] نفس المصدر: 330.

[6] نفس المصدر: 681.

[7] نفس المصدر: 731.

[8] نفس المصدر: 231.

[9] نفس المصدر: 298.