بازگشت

الايمان نوايا أم عمل


و لا يقتصر عمل المؤمنين علي مجرد (الايمان) الذي قد تستشعره نفوسهم و تتشربه حواسهم دون نهج حياتي سلوكي عام واضح، يأخذون أنفسهم علي انتهاجه و عدم الخروج أو الحيدة عنه، كما أنه يمتد للتمهيد للآخرين الذين لم تتضح لهم معالم هذا الدرب، و الأخذ بأيديهم ليسيروا عليه متوسمين نفس الطريق الذي سار عليه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و الصفوة من صحبه.

و أمر كهذا لا ينال المجرد التمني و النوايا (الصادقة)، و انما تثبت النوايا صدقها، اذا ما حزمت النفس أمرها للجهاد علي الساحتين كلتيهما ساحة النفس و ساحة القتال الفعلي بالسيف و اللسان و الرأي و الشعور، و الجهاد لا يكون الا في سبيل الله، و الا فانه غير مقبول، اذ أنه غير مجد اذا لم يكن كذلك، و هناك ميادين عديدة يتبين لنا فيها كيف أنه في سبيل الله، اذا ما كان في سبيل الدفاع عن الدين أو الانسان، انه يعد نفسه للتضحية و البذل، و يتوقع كل شي ء في المعركة السجال الناشبة بينه و بين عده، غير أن أمرا واحدا، يدرك أنه بالغه، مهما كانت نتيجة المعركة الأرضية الدائرة، و هو النصر المحتوم و الفوز الأكيد حتي و ان استشهد أو قتل أو افتقد


أو جرح أو أسر أو تشرد... فلقد أدي مهمته الي أبعد مدي استطاع القيام به، و ما عليه الا أن ينتظر الجزاء.

و هنا نقطة الافتراق عن النظرات الأرضية البحتة، النظرات البشرية المجردة، التي لا تتطلع الا الي الطين و الوحل و التراب، و لا تكاد تحس بروح الله التي نفخها فيها و المحيطة بها، و التي تريد أن تسمو بها الي كل ما تحفل به من معان زاخرة بالعظمة و الارتفاع و السمو، غير أنها تعاكس هذه الروح الالهية و تأبي أن تسير الا عكس التيار.