بازگشت

الرسول ليطاع كيف عصي


لذلك فان شهادة لله لرسله، و خصوصا لخاتمهم محمد صلي الله عليه و آله و سلم بأنه المصطفي، و أنه خير الخلق. و أنه بلغ الغاية في الخلق العظيم. ليس من باب زج الثناء لمجرد زج الثناء، و انما أراد - سبحانه - بذلك، أن ينبهنا أن سيرة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و سنته، بكل ما تحفل به من أوضاع و أقوال و أعمال، مكملة لكتابه الكريم المنزل، بل هي امتداد له،و أنها تشكل معه قوام الاسلام و أساسا لكل فعالياته و تشريعاته و قيمه. لذلك فان طاعته مفروضة علي الناس كطاعة الله. اذ أن محصل طاعته ستؤدي بالتالي الي تحقيق ما يريده الله و الي طاعته سبحانه و من غير المعقول أن نجد تقاطعا أو تناقضا اذا ما أطعناهما كليهما... الله و رسوله.

(و ما أرسلناك من رسول الا ليطاع باذن الله...) [1] .

(من يطع الرسول فقد أطاع الله..) [2] .

(لقد جآءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) [3] .

(... و من يطع الله و رسوله يدخله جنت تجري من تحتها الأنهر خلدين فيها و ذلك الفوز العظيم و من يعص الله و رسوله و يتعد حدوده يدخله نارا خلدا فيها و له عذاب مهين) [4] .


(انما المؤمنون الذين ءامنوا بالله و رسوله ثم لم يرتابوا...) [5] .

(و انك لعلي خلق عظيم) [6] .

(و ما أرسلنك الا رحمة للعالمين) [7] .

(و ما ءاتكم الرسول فخذوه و ما نهكم عنه فأنتهوا) [8] .

و عند ما يقول الرسول الكريم عن نفسه (أنا سيد البشر و لا فخر) و يقول (ان الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه)... فانه لا يتباهي بذلك تباهي الجاهليين أو يفخر كفخرهم، و انما يريد اقرار حقيقة: أنه مختار و مصطفي و منتقي من قبل الله بشكل أقطار الأرض و في كافة الأزمان و العصور. لا علي أساس التصورات البشرية الخاصة المجردة، بل علي أساس اليقين المطلق و المعرفة الحقيقة بما أنزل الخالق، و علي أساس المثل الأعلي الذي لم يكن نابعا من تصوراته الذاتية، ان هذا (المثل الأعلي المنفصل عنه، الذي هو فوقه، الذي أعطاه نفحة موضوعية من الشعور بالمسؤولية، و هذا الشعور بالمسؤولية تجسد في كل كيانه، في كل مشاعره و أفكاره و عواطفه و من هنا كان النبي معصوما علي مر التاريخ) [9] اذ لو لم يكن كذلك، و كان معرضا كغيره للوقوع بنفس الأخطاء التي يقع فيها الآخرون، لكان معرضا أيضا لعدم القدرة علي القيام بنقل الرسالة نقلا أمينا، أو تحريفها بما يوافق هواه، و لما كان ذلك يمثل انتكاسة واضحة لهذا الدين - تسبب فيها قيام الرسول نفسه بالتحريف و التبديل! فان انتكاسات أخري محتملة لابد أن نتوقعها من أناس آخرين، لا يحملون نفس اليقين الذي يحمله، كما نتوقع أن تتزايد و تتعمق علي مر الأيام، و معني ذلك أن هذه الرسالة مقضي عليها بالفشل و الموت منذ البداية... و ان ضمانة ديمومتها و ثباتها و تحكمها في الحياة أن لا يكون ناقلها الي الناس، و هو الرسول، خاضعا لما يخضع له الناس الآخرون من عوامل الضعف و الانحراف و الانسياق وراء الهوي أو المصلحة


الشخصية و أن يكون منزها عنها، ليكون الجميع علي يقين بأن الرسالة قد وصلتهم كاملة سالمة غير محرفة و لا مبدلة.


پاورقي

[1] النساء 64.

[2] النساء 80.

[3] التوبة 128.

[4] النساء 14 - 13.

[5] الحجرات 15.

[6] القلم 4.

[7] الأنبياء 107.

[8] الحشر 7.

[9] المدرسة القرآنية ص 187.