بازگشت

يقين تام


ان يقين الرسول الأكيد، و توجهه التام لحمل الرسالة الموكلة اليه، و اندماجه الكلي، بكل ما تحمله من قيم و مبادي ء و شعارات، يجعل من تصرفاته الحياتية اليومية، مهما تكن بسيطة، منصبة علي تجسيد ما يحمله، و تكاد تكون أبسط مفردات هذه الحياة (شواهد) و (نماذج) معروضة أمام الآخرين الذين يتلقون منه الرسالة.

ان ذاته كلها مكرسة للرسالة التي يحملها و لا يكاد يري غيرها، و تهون عليه كل القوي المعرقلة و المانعة و المعادية مهما استعملت من قدرات تدميرية و قميعة هائلة أمام الآخرين مادام متيقنا من الفوز في نهاية المطاف... فوزا لا يعرفه أعداؤه و لا يرجونه، ان ذاته منسجمة مع الذات الالهية التي حملته هذه الرسالة انسجاما تاما، (... قل الله ثم ذرهم...) [1] .

(فان تولوا فقل حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت و هو رب العرش العظيم)

[2] فهو يحب في الله و يبغض في الله و يعطي في الله و يمنع في الله.

ان مهمة الرسول تمتد لايجاد نماذج مشابهة له علي الساحة التي يعمل فيها، بعد وفاته و اختفائه منها، مع أن هذه النماذج قد لا تؤثر نفس تأثيره أو تتطابق معه تطابقا، و هذا أمر لا يعبر عنه بمجرد ابداء الرغبة بذلك، و انما من خلال اعداد بعض النماذجچ المقربة منه، و التي يتوسم فيها قابلية و تفوقا و استعدادا لاكمال مهمة بعد غيابه، انه يريد نقل يقينه الي الآخرين، و هي مهمة تربوية تستدعي صبرا و ثباتا و يقينا من قبل من يعد لمثل هذه المهمة.


ان هذا اليقين الذي يحمله الرسول، يجعله لا يري أمامه الا أداء مهماته علي الوجه الذي يريده الله - سبحانه - أداء متقنا رفيعا ينسجم و عظمة الرسالة التي يحملها و عظمة و قدرة الخالق الذي أنزلها و اختاره هو لتبليغها. ان عمق شعوره بالمسؤولية هو الذي يجعل منه معصوما، اذ أن انحراف مهما كان بسيطا، و أي خروج عما يدعو اليه هو نفسه، سيكون انتكاسة كبيرة لهذا الدين الذي يدعو اليه... و سيكون تفسير أي (خطأ) من الرسول للآخرين مهما كان هذا الخطأ بسيطا - أمرا غير قابل للفهم أو التبرير... فان علي من يحمل الرسالة و ينقلها الي الآخرين، أن يكون وجها ناصعا لها، و صورة ناطقة تشهد بوضوحها و ضرورتها أيضا. بل الرسالة نفسها.


پاورقي

[1] الأنعام: 91.

[2] التوبة: 129.