بازگشت

اله مع الله رسالة التوحيد بعد خاص


ان رسالة التوحيد، تلغي كل الأطروحات و التصورات البشرية البحتة عن الآلهة، و الاله الكبير، ابتداء من التصورات البدائية الأولي، و حتي الأسطورية الاغريقية ثم الرومانية المشركة التي نشأت في أعقاب المسيحية الهشة، بعد غياب السيد المسيح عليه السلام و رسالته الحقة، و مسخ الديانة اليهودية التي أقام اليهود علي أنقاضها ديانة أخري، منطلقين من مصالحهم و أطماعهم و عقدهم الكبري. كما أن هذه الرسالة تلغي الأدوار المزعومة لآلهة الشرك التي عبدها البوذيون و المانويون و الزراد شتيون و الهندوس و عبدة الأصنام في الجزيرة العربية.

و عندما تؤكد أن كل هذه الآلهة و المعبودات هي من نتاج العقل البشري (ان هي الا أسماء سميتموها أنتم و ءابآؤكم ما أنزل الله بها من سلطن ان يتبعون الا الظن و ما تهوي الأنفس و لقد جاءهم من ربهم الهدي) [1] .

(ما اتخذ الله من ولد و ما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق و لعلا بعضهم علي بعض سبحن الله عما يصفون) [2] .


(... أءله مع الله بل هم قوم يعدلون) [3] .

(... أءله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون) [4] .

(... أءله مع الله قليلا ما تذكرون) [5] .

(... أءله مع الله تعلي الله عما يشركون) [6] .

(... أءله مع الله قل هاتوا برهنكم ان كنتم صدقين) [7] .

(... أئنكم لتشهدون أن مع الله ءالهة أخري قل لا أشهد قل انما هو اله وحد و انني بري ء مما تشركون) [8] .

(هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه ءالهة لولا يأتون عليهم بسلطن بين فمن أظلم ممن افتري علي الله كذبا) [9] .

(و لا تجعلوا مع الله الها ءاخر اني لكم منه نذير مبين) [10] .

و ان هذا العقل البشري، حاول تبرير و تفسير كل ظاهرة و أمر لصالحه، أو لصالح (الملأ) أو الطبقات العليا الرفيعة التي تحكمت بالمجتمعات البشرية علي مر العصور، فان رسالة التوحيد قامت بمحاولة تصحيح، بل الغاء هذا التصور البشري البحت، و مسح كل لمساته و ظلاله التي ألقيت علي العقل البشري خلال حقب طويلة من الزمن، و أعلنت عن عزمها المنبثق عن اليقين المطلق لحل الجدل و التناقضات التي نشأت نتيجة هذا التصور، لا عن طريق هذا الجدل و هذا التصور نفسه - فان هذا أمر لا يمكن أن يؤدي الي نتيجة بأي حال من الأحوال، و انما من خلال (الشعور بالمسؤولية. لكن لا الشعور المنبثق عن نفس هذا الجدل، فان الشعور المنبثق عن


نفس هذا الجدل لا يحل هذا الجدل، هو ابن الجدل، بل هو افراز هذا التناقض، و انما الشعور الموضوعي بالمسؤولية لا يكلفه الا المثل الأعلي الذي يكون جهة عليا، يحس الانسان من خلالها بأنه بين يدي رب قادر سميع بصير محاسب، مجاز علي الظلم، مجاز علي العدل) [11] .

و اذ أن المعركة لا تأخذ طابع الخلاف النظري حول الأفكار و التصورات البحتة فقط، و انما هي معركة مصالح و امتيازات - علي مر العصور - فانها تتخذ طابعا شرسا، تقف فيه الأقلية (المنتقاة) لتعزيز سيطرتها و نفوذها، موقفا صلبا، لا تسامح فيه و لا لين، مكرسة طاقاتها و امكاناتها الكبيرة، و منها الأغلبية المستضعفة ذاتها، التي جعلتها تدور في فلكها، و جعلت منها دوائر متعددة الأقطار و الأطوال لحماية مصالحها، و رغم أنها مستغلة، فانه أريد لها أن لا تعرف ذلك، و تعلم أن حياتها و وجودها ترتبطان بحياة و وجود الأقلية المتنفذة، و ان أي خروج عن قطر أية دائرة محددة لها، يعني الخروج عن بقيتها، و خروج علي الأقلية المتنفذة نفسها التي غالبا ما تمسك بجهاز الحكم بقبضة حديدية بشكل مباشر، و عن طريق الثروة و المال و وسائل النفوذ المتخلفة، و تحاول أن توحي اليها - أي الي الطبقة الواسعة المستضعفة (الجاهلية غالبا و الفقيرة) - ان خروجها يعني تحطيم (مصالحها) هي أولا، قبل أن يصل الأمر الي الاضرار بالطبقة الحاكمة.

و ليس من السهل علي المرء - في ظل أوضاع كهذه - أن يعلن عن نواياه المجردة، بضرورة محاربة المستغلين المتنفذين، بل و تغيير كل الأوضاع التي كرست لتعزيز هذه المصالح، و القيام بثورة اجتماعية كبري، و هذه لا تنجح في أغلب الأحيان، اذ أن التصدي لها سيكون حازما و عنيفا - الا اذا كان الدافع أقوي من مجرد الشعور العادي بالظلم، و الا اذا كانت هناك قيادة مؤهلة، مكلفة من قبل قوة عظمي، غير بشرية وضعت لهذا الكون نظاما دقيقا، و وضعت لعموم الناس نظاما لا يقل دقة و انسجاما و تناسقا عن النظام الكوني الدقيق نفسه، و هذه القيادة متمثلة بالرسول البشر المؤهل المختار من قبل هذه القوة العظمي، يستطيع حمل الرسالة و تبليغها بوعي و اصرار، بعد أن يتيقن هو نفسه بقدرة من اختاره و اصطفاه لحمل هذه الرسالة، و بعد أن عرفه معرفة تامة...


فالنبوة - هنا - ليست أمرا بشريا خالصا، مع أن البشر هو الذي حملها من قبل الله - سبحانه - كما أنها ليست تجسيدا لمصالح الأقلية علي حساب الأغلبية، و ليست توظيفا للأفكار البشرية لضمان مصالح هذه الأقلية، و هي ليست منبعا لأفكار و آراء مهدئة أو منومة أو مخدرة، و ليست أفيونا - كما يدعي الماديون و الملحدون، الذين يقطعون كل صلة أو علاقة للحياة مع الخالق، و يفسرون الوجود علي أساس مادي العقل البشري علي الاطلاق لما يحفل من ثغرات و أخطأه و تناقضات غريبة تزيد الأمر تعقيدا و تجعل الوصول الي أي جواب مقنع أمرا مستحيلا.


پاورقي

[1] النجم 23.

[2] المؤمنون 91.

[3] النمل 60.

[4] النمل 61.

[5] النمل 62.

[6] النمل 63.

[7] النمل 64.

[8] الأنعام 19.

[9] الکهف 15.

[10] الذاريات 51.

[11] المدرسة القرآنية 189.